اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 153
الأسد الضّارى ركن الدّين بيبرس البندقدارى الصالحى النجمى:
تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته، والكلام فيه على أنواع:
الأول في ترجمته
هوبيبرس بن عبد الله، قفجاقىّ الجنس، وقيل هو من برج أغلى قبيلة من الترك، حضر هو ومملوك آخر مع تاجر إلى مدينة حماة، فاستحضرهما الملك المنصور محمد صاحب حماة يشتريهما فلم يعجنه أحد منهما، وكان أيدكين البندقدارى الصالحىّ مملوك الملك الصالح نجم الدين أيوب بن السلطان الملك الكامل صاحب مصر قد غضب عليه الصالح المذكور، وكان قد توجه أيدكين المذكور إلى جهة حماة، فأرسل الملك الصالح من يقبض عليه واعتقله بقلعة حماة، فتركه المنصور صاحب حماة في جامع قلعة حماة، واتفق ذلك عند حضور الملك الظاهر صحبة التاجر، فلما قلبه المنصور صاحب حماة فلم يتستره أرسل أيدكين البندقدار وهو معتقل، فاشتراه ليخدمه، وبقي عنده، ثم أفرج الملك الصالح عن أيدكين البندقدار، فسار من حماة وصحبته الملك الظاهر، وبقي مع أستاذه المذكور مدةً، ثم أخذه الملك الصالح نجم الدين أيوب من أيدكين المذكور، فانتسب الملك الظاهر إلى الملك الصالح دون أستاده، وكان يخطب له، وينقش على الدنانير والدراهم بيبرس الصالحي.
الثاني في
صفته
كان الملك الظاهر أسمر، أزرق العينين، جهوريّ الصوت، عليه مهابة وجلالة، وكان إلى الطول أقرب.
الثالث في
سيرته
كان شهما، شجاعا، سخيّا، عالي الهمّة، بعيد الغور، مقداما، جسوراً، معتنياً بأمر السلطنة، متحلّيا بها، له قصد صالح في نصرة الإسلام وأهله، وإقامة شعائر الملك.
وفي تاريخ النويريّ: وكان ملكا جليلا، شجاعا، مهينا، حسن السياسة، كثير النحيّل، وكان عسوفا جباراً، كثير المصادرات للرعية والدواوين خصوصا لأهل دمشق، وكان متنّبها، شهما، لا يفتر ليلا ولا نهارا عن مناجزة الأعداء ونصرة الإسلام، وكان مقتصدا في ملبسه ومطعمه، وكذلك جيشه.
وقد جمع له كاتبه محيى الدين بن عبد الظاهر سيرة مطوّلة، وكذلك ابن شداد أيضا، وهو الذي أنشأ الدولة العباسيّة بعد بقاء الناس بلا خليفة نحوا من ثلاث سنين، وهو الذي جدّد من كل مذهب قاضي قضاة مستقلا من غير مشاركة.
الرابع في
فتوحاته
فتح في أيامه فتوحات كثيرة وهي: قيسارية التي على الساحل، وأرسوف، ويافا، والشقيف، وأنطاكية، وبغراس، وطبريّة، والقصير، وحصن الأكراد، وحصن عكّار، وحصن عكا، والقرين، وصافيثا، وغير ذلك من الحصون المنيعة التي بأيدي الفرنج، ولم يبق مع الإسماعيلية شيئا من الحصون، وناصف الفرنج على: المرقب، بليناس، وبلاد انطرسوس، وسائر ما بقي بأيديهم من البلاد والحصون، وأخذ قيسارية الروم على ما ذكرنا، وخطب له فيها، واستعاد من صاحب سيس بلادا كثيرة، واستردّ أيضا من المتغلبين من المسلمين: بعلبك، وبصرّى، وصرخد، وعجلون، وحمص، والصلت، وتدمر، والرحبة، وتلّ باشر، والكرك، والشوبك، وأخذ بلادا كثيرةً من التتار منها: البيرة، وغيرها، وفتح بلاد النوبة بكمالها، واتسعت مملكته من الفرات إلى أقصى بلاد النوبة.
وقال النويرى: وأول فتوحاته قيسارّية الشام بالسواحل، وآخر فتوحاته قيسارّية الروم، وأما عدّة فتوحاته فكانت تزيد على أؤبعين حصناً، وكان بيده بمصر والشام ستة وأربعون قلعة.
الخامس في
عمائره
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 153