اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 144
فأرسل البرواناة كتبهم إلى أبغا، فأعطاه دستورا ليعود من الطريق، وجرد ثلاثين ألفا من أعيان المغول صحبة توقو وتداون إلى الروم ليكونوا مدداً له.
وفي اثنان ذلك اختلف الأمراء الروميون فيما بينهم، وقتل اثنان منهم، ويحالف بعضهم على طاعة الملك الظاهر والانحياز إليه، وبرزوا خيامهم إلى ظاهر قيسارية، وخرج السلطان غياث الدين كيخسرو منها إلى مدينة دوالو، فأقام بها.
وسير الأمراء الذين اتفقوا على الانحياز إلى الملك الظاهر رسلا إليه يخبرونه يخروجهم لقصده واتفاقهم على طاعته، وكان الرسل من: الأمير ضياء الدين محمود بن الخطير، والأمير سنان الدين موسى الرومى بن الأمير سيف الدين طرنطاى، ونظام الدين أخو مجد الدين الأتابك، والحاج أخو جلال الدين المستوفى، فحضرت هؤلاء إلى عينتاب، واجتمعوا بالسلطان الملك الظاهر وسألوه أن يجهز معهم عسكرا ليحضروا إليه وبقية الأمراء، فجرد معهم سيف الدين بلبان الزيني وبدر الدين بكتوب المعروف بابن أتابك.
ففي عودهم من عند الملك الظاهر وصل البرواناه إلى قيسارية وصحبته توقر وتداون وعسكر التتار، فحالوا بينهم وبين السلطان غياث الدين وغيره، فرجعوا إلى السلطان الملك الظاهر من كوك صو، وهو النهر الأزرق، فجهزهم وحريمهم إلى الديار المصريّة، وسعى بهم ابن الخطير، فاعتقلهم بقلعة الجبل مدة، ثم أطلقوا.
وأقام البرواناه بقيساريّة إلى انقضاء هذه السنة، وجهّز بيجار الرومي وبهادر ولده وجماعة من الروميين على الهرب إلى الديار المصرية، واللحاق بالملك الظاهر، فهربوا من الروم، فحضروا في أوائل سنة خمس وسبعين وستمائة.
وأما السلطان غياث الدين فإن توقو وتداون أخذاه وسلماه إلى البرواناه، وقتلا شرف الدين بن الخطير بسب مغامرته لهم، وأما سيف الدين طرنطاي فخلوّا سبيله وأمروه بأن يلزم بيته. ذكر عود السلطان الظّاهر من عينتاب
إلى الديار المصرية
ولما جرى الأمور المذكورة، وكان السلطان على مدينة عينتاب رحل منها طالبا الديار المصرية في مستهل رجب من هذه السنة، ووصل إلى الديار المصرية في ثاني عشر رجب من هذه السنة، وكان يوم دخوله يوما مشهودا.
ولما استقّر ركابه في قلعته بالقاهرة وفد عليه شكنده ابن عم داود ملك النوبة متظلما من ابن عمه داود وأخذه الملك منه، فجرد السلطان الظاهر معه جيشا صحبة الأمير شمس الدين آفستقر الفارقاني والأمير عز الدين أيبك الأفرم في مستهل شعبان، فوصلوا إلى دنقلة ولقيهم جمع من السودان، وافتتلوا، فانهزم السودان، وقتل منهم جماعة كثيرة، وأسر منهم ما لا يقع عليه الحصر حتى أبيع كل رأس بثلاثة دراهم، ثم تبعوا داود فترك أخته وأمّه وبنت أخته وهرب، فأخذ حريمه ورجعوا إلى الديار المصرية بعد أن ملّكوا شكندة ورتبوا أمره، وقرّروا عليه في كل سنة على كل رأس دينار، ووصلوا إلى القاهرة وصحبتهم السبيّ فأبيع بمائة درهم آلاف درهم.
وقال بيبرس في تاريخه: ولما جردّ العسكر من مصر خرجوا في ثامن شوال ووصلوا إلى الدو، فأغاروا على قلعتها ونزلوا جزيرة ميكائيل، وهي رأس جنادل النوبة، فقتلوا وأسروا وغنموا، وكان قمر الدولة آبي صاحب الجبل، فآمنوه وفرروه على ولايته، ثم النفوا الملك داود وعساكره، فكسروه وأسر أخوه وأمّه وأخته، وقتلوا من السودان ألوفا، وهرب داود إلى الأبواب، وهي فوق بلاده، فالتقاه صاحبها واسمه أدرو قاتله وقتل ولده، وأكثر من كان معه، وأمسكه وأرسل به إلى السلطان أسيرا، فاعتقل بقلعة الجبل إلى أن مات في السجن فيما بعد، ورتّب الأمراء شكنده مكان داود خاله، وقرّروا عليه في كل سنة قطيعة يؤديها، وهي: ثلاثة أفيلة، وثلاثة زرافات، وخمس فهود، ومائة أصهب جياد، وأربعمائة رأس بقر، وأن تكون البلاد مشاطرة: النصف للسلطان، والنصف لعمارتها وحفظها، وأن تكون بلاد العلي وبلاد الجبل للسلطان خاصا لقربها من أسوان، ويحمل ما يتحصل منها من التمر والقطن مع ما تقرر من القطيعة والجزية وهي دينار واحد من كل واحد من العقلاء البالغين إلى الأبواب الشريفة، واستحلفوه على ذلك الأيمان التي يحلفها النصارى، وعادت العساكر المنصورة.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 144