اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 11
مات في شهر ربيع الأول ودفن من يومه بالمقام، ومولده في سنة ست وخمسمائة تقديراً، سمع من أبي حفص عمر بن محمد بن طبرزد، وحدَّث، وقرأ الأدب وبرع فيه، وأقرأ مدة، وانتفع به جماعة.
أبو الفتح الصوفى، الشيخ الفقيه الحنفى الصوفى، أحمد بن يوسف ابن عبد الواحد بن يوسف الأنصارى الدمشقى الأصل، الحلبى المولد.
توفى في السادس عشر من شعبان بحلب، ودفن من الغد بالمقام ظاهر حلب.
تفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة رضى الله عنه، وقرأ علم النظر والخلاف وبرع فيهما، واستدعى إلى بغداد، وولى بها تدريس الفرقة الحنفية بالمدرسة المستنصرية مدة، ثم استأذن في العودة إلى وطنه، فأذن له في ذلك، فعاد إلى حلب ودرس بها بالمدرسة المقدمية، وبمدرسة الحدادين، وكان قد ولى مشيخة رباط سُنقُرجاه بعد موت أبيه، رحمهما الله.
عَلَمُ الدين قيصر بن أبي لقاسم بن عبد الغني بن مسافر، الفقيه الحنفي المقرىء، المعروف بتعاسِيف.
كان إماما في العلوم الرياضية، اشتغل بالديار المصرية والشام، ثم سافر إلى الموصل، وقرأ على الشيخ كمال الدين بن يونس علم الموسيقى، ثم عاد إلى الشام، وتوفى بدمشق في شهر رجب منها، ومولده سنة أربع وخمسين وخمسمائة بأُصْفون بليدة بالصعيد.
جمال الدين بن مطروح أبو الحسين يحيى بن عيسى بن إبراهيم بن الحسين ابن على بن حمزة بن إبراهيم بن الحسين بن مطروح، الملقب جمال الدين.
من أهل صعيد مصر، ونشأ هناك، وأقام بقوص مدة، وتقلبت به الأحوال في الخدم والولايات، ثم اتصل بخدمة السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن السلطان الملك الكامل بن السلطان الملك العادل بن ايوب، وكان اذ ذاك نائباً عن أبيه الكامل بالديار المصرية، ولما اتسعت مملكة الكامل بالبلاد الشرقية، فصار له آمد وحصن كيفا وحرَّان والرُّها والرقة ورأس عين وسروج وما انضم إليها، سيَّر إليها ولده الصالح المذكور نائباً عنه وذلك في سنة تسع وعشرين وستمائة، فكان ابن مطروح المذكور معه، ولم يزل ينتقل في البلاد إلى ان وصل الملك الصالح إلى مصر مالكاً لها في سنة سبع وثلاثين وستمائة، كما ذكرنا، ثم وصل ابن مطروح بعد ذلك إلى الديار المصرية في أوائل سنة تسع وثلاثين وستمائة، فركبَّة السلطان ناظراً في الخزانة، ولم يزل يتقرب منه ويحظى عنده إلى أن ملك الصالح دمشق في الدفعة الثانية من سنة ثلاث وأربعين وستمائة، كما ذكرناه، ثم إن السلطان بعد ذلك رتب لدمشق نواباً، فكان ابن مطروح في صورة وزير لها، ومضى إليها، وحسُنت حاله، وارتفعت منزلته، ثم عزله الصاحل لأمور نقمها عليه، وهو مواظب للخدمة مع إعراض الملك الصالح عنه.
ولما توفى الملك الصالح بالمنصورة، كما ذكرناه، وصل ابن مطروح إلى مصر، وأقام بها في داره إلى أن مات ليلة الأربعاء مستهل شعبان سنة تسع وأربعين وستمائة بمصر، ودفن بسفح المقطم.
وقال ابن خلكان: وحضرت الصلاة عليه ودفنه، وأوصى أن يكتب عند رأسه دو بيت نَظمَه في مرضه وهو:
أصبحت بقعرِ حُفرة مُرتهنا ... لا أملك من دُنْيَاى إلا الكَفنَا
يَامنْ وسعتَ عبادَهُ رَحْمتهُ ... من بعض عبادك المسيئين أنا
وكانت ولادته يوم الإثنين ثامن رجب سنة إثنتين وتسعين وخمسمائة بأسيوط، وهي بليدة بالصعيد الأعلى من ديار مصر.
وقال ابن خلكان: وكانت أدواته جيملة، وخلاله حميدة، جمع بين الفضل والمروءة والأخلاق الرضية، وكانت بينى وبينه مودَّة أكيدة، ومكاتبات فى الغيبة، ومجالس في الحضرة، تجرى فيها مذاكرات لطيفة، وله ديوان شعر. أنشدني أكثره: وكان في بعض اسفاره قد نزل في طريقه بمسجد وهو مريض فقال:
ياربّ إن عجز الطبيب فداونى ... بلطيف صُنْعك واشفنى يا شافى
أنا من ضيوفك قد حسِبتُ وإن مِن ... شيم الكرام البرُّ بِالأضْيافِ
وله أيضاً:
يا مَنْ لبستُ عليه أثواب الضنى ... صفراء موشّعة بُحمر الأدمُع
أدرْك بقيَّة مهجة لو لم تذُبْ ... أسفاً عليك نفيتها عن أضلعىَ
وكان في مدَّة انقطاعه في داره، وضيق صدره بسبب عطلته، وكثرة كلفته، قد حدث في عينيه ألم انتهى به إلى مقاربة العمى.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 11