اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 108
استهلت هذه السنة، والخليفة: هو الحاكم بأمر الله، ولكنه غير مرجوع إليه، ولا إليه الأمر والنهى، وإنما هو باسم الخليفة.
وسلطان البلاد المصرية والشامية والحلبية: الملك الظاهر بيبرس.
وقضاة مصر أربعة من أربع مذاهب مستقلين كما ذكرنا.
ونائبه في دمشق: الأمير جمال الدين أقوش النجيبي، وقاضي القضاة الشافعية بها شمس الدين بن خلكان، وقاضي القضاة الحنفية شمس الدين عبد الله ابن محمد بن عطا، وقاضي القضاة المالكية زين الدين عبد السلام ابن الزواوي، وقاضي القضاة الحنابلة شمس الدين عبد الرحمن بن الشيخ ابي عمر محمد بن أحمد ابن قدامة، وكان هذا الصنيع لم يسبق إلى مثله وتجدد هذا في دمشق في هذه السنة، وأما في ديار مصر ففي السنة الماضية كما ذكرنا.
وقال أبو شامة: وفي سادس جمادي الأولى من سنة أربع وستين وستمائة جاء من مصر من السلطان الملك الظاهر بيبرس الصالحي ثلاثة عهود لثلاثة من القضاة شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء الحنفى، وزين الدين عبد السلام ابن الزواوي المالكي وشمس الدين عبد الرحمن بن الشيخ ابن عمر الحنبلي، وجعل كل واحد منهم قاضي القضاة، كما هو المنصب لشمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خلكان الشافعي، فلما وصلت العهود الثلاثة لم يقبل المالكي فوافقه الحنبلي واعتذرا بالعجز، وقبل الحنفي فإنه كان نائب الشافعي، فاستمرعلى الحكم، ثم ورد من مصر كتاب بإلزامهما ذلك وأخذ ما بيدهما من الأوقاف إن لم يفعلا، فأجابا، ثم أصبح المالكي فأشهد على نفسه بأنه عزل نفسه عن القضاء وعن الأوقاف، فترك، واستمر الحنبلي، ثم ورد الأمر بإلزامه، فقبل، واستمر الجميع، لكن امتنع المالكي والحنفي من أخذ جامكية على القضاء وقالا: نحن في كفاية فأعفيا منها.
ومن العجيب اجتماع ثلاثة على ولاية قضاء القضاة في زمن واحد ولقب كل واحد منهم شمس الدين، واتفق أن الشافعي منهم استناب أيضاً من لقبه شمس الدين، فقال بعض الظرفاء.
أهل دمشق استرابوا ... من كثرة الحكام
إذ هم جميعاً شموسٌ ... وحالهم في ظلام
وقيل أيضاً:
بدمشق آية قد ظهرت ... للناس عاما
كلما ولى شمسٌ قاط ... يا زادت ظلاما
وقيل أيضاً:
أظلم الشامُ وقد ... ولى للحكم شموسُ
ليس فيهم من بيت ... الحكم علما أو يُسوسُ
وصاحب بلاد الروم: السلطان ركن الدين قليج أرسلان.
وصاحب العراقين وغيرهما أبغا بن هلاون بن طلوخان بن جنكزخان.
وبقية أصحاب البلاد على حالهم.
ذكر سفر السلطان الملك الظاهر إلى جهة الشام
وفي هذه السنة، قصد مولانا السلطان رحمه الله فتح صفد من أيدي الفرنج الكفار، وما حولها من البلاد، فتوجه إلى الشام، واستناب بالقلعة الأميرعز الدين أيدمر الحلبي في خدمة ولده الملك السعيد، وكان خروجه من القاهرة مستهل شعبان، ورحل في ثالث الشهر، ولما وصل إلى غزة جرد الأمير سيف الدين قلاون الألفى، والأمير جمال الدين أيدغدى العزيزي، لمنازلة الحصون التي حول طرابلس.
قال بيبرس في تاريخه: فتوجها، وأنا يومئذ أجر الجنيب مع المخدوم، يعنى قلاون. فتح القليعات وحلباء وعرقا
في شعبان المكرم من هذه السنة
قال بيبرس: ولما أشرفنا على القليعات، سأل أهلها الأمان، فآمنهم المخدوم، يعنى قلاون، وتسلم الحصن، وحمل الأسرى المأخوذين منه على جمال أرسلها السلطان إليه، وحمل بهم على جسر يعقوب بحيث يراهم أهل صفد، فانقطعت قلوبهم خوفا وفرقا، وشاهدوا أصحابهم على تلك الحال، والعساكر تسوقهم مصفدين على الجمال، فأيقنوا بالتلف، هذا والسلطان قد - نازلهم، فانضم هذا العسكر إليه، واجتمعوا لديه.
فتح صفد
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 108