responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام المؤلف : التقي الفاسي    الجزء : 1  صفحة : 251
وقال السهيلي: وروى نقلة الأخبار: أن تبعا لما عمد إلى البيت يريد تخريبه رمي بداء تمحص منه رأسه قيحا وصديدا يثج ثجا، وأنتن حتى لا يستطيع أحد أن يدنو منه قيد رمح، وقيل: بل أرسلت عليه ريح كتعت منه يديه ورجليه وجلده، وأصابتهم ظلمة شديدة، حتى دفت خيلهم، فسمى ذلك المكان الدف[1]، فدعا بالجزاة[2] والأطباء فسألهم عن ذلك[3]، فهالهم ما رأوا منه، ولم يجد له عندهم فرجا، فعند ذلك قال له الحبران: لعلك هممت بشيء في أمر هذا البيت؟ فقال: نعم، أردت هدمه، فقالا له: تب إلى الله مما نويت، فإنه بيت الله تعالى، وحرمه، وأمراه بتعظيم حرمته، ففعل ذلك فبرئ من دائه، وصح من وجعه.
قال السهيلي: وأخلق بهذا الخبر أن يكون صحيحا فإن الله سبحانه عز وجل يقول: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] أي: ومن هم فيه بظلم، ثم قال: وقال العتبي: كانت قصة تبع قبل الإسلام بسبعمائة عام[4] ... انتهى.
وهذا الذي ذكره العتبي لعله أن يكون موافقا لما ذكره ابن إسحاق في "السيرة"، لأنه قال: فكان تبع فيما يزعمون أول من كسا البيت، وأوصى به ولاته من جرهم ... انتهى.
ووجه موافقة ذلك لما ذكره العتبي: أن من ولاية جرهم إلى الإسلام المقدار الذي ذكره العتبي أو نحوه، فإن خزاعة ولوا البيت بعد جرهم خمسمائة سنة، وقيل دون ذلك على ما في خبرهم، وولاية قريش لأمر مكة قبل الإسلام ما يقصر عن مائة سنة، وربما كانت أزيد من ذلك، وأي ذلك كان فهو المقدار الذي ذكره العتبي أو غيره، ويعكر على ما في "السيرة" لابن إسحاق من أن قصة تبع مع الهذليين كانت في زمن جرهم على ما نقله الأزرقي عن إسحاق؛ لأنه قال في خبر تبع: حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج: قال أخبرنا ابن إسحاق قال: سار تبع الأول إلى الكعبة وأراد هدمها وتخريبها، وخزاعة يومئذ تلي البيت وأمر مكة، فقامت خزاعة دونه فقاتلت عنه أشد القتال حتى رجع، ثم تبع آخر فكذلك، ثم قال: فأما تبع الثالث الذي أراد هدم البيت فإنما كان في أول زمان قريش، قال: وكان سبب خروجه وسيره أن قوما من هذيل من بني لحيان جاءوه فقالوا: إن بمكة بيتا تعظمه العرب جميعا. فذكر القصة.

[1] الدف: موضع في جمدان من نواحي المدينة عسفان.
[2] الحزاة: جمع حاز، وهو الذي يزجر الطير ويستدل بأصواتها ومرورها وأسمائها.
[3] كذا في الأصل، وفي الروض الأنف 1/ 39: "دائه".
[4] الروض الأنف 1/ 39، 40.
اسم الکتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام المؤلف : التقي الفاسي    الجزء : 1  صفحة : 251
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست