اسم الکتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام المؤلف : التقي الفاسي الجزء : 1 صفحة : 249
وذكر ذلك الجاحظ، إلا أنه خالف في بعض ذلك لأنه قال: وإذا أصاب في أول السنة المطر باب الكعبة من شق العراق كان الخصب تلك السنة بالعراق، وإذا أصاب شق الشام كان الخصب في تلك السنة في الشام، وإذا عم جوانب البيت عم الخصب الجميع.
ومنها: أن مفتاح الكعبة إذا وضع في فم الصغير الذي ثقل لسانه عن الكلام يتكلم سريعا ذكر ذلك الفاكهي في "أخبار مكة"، لأنه قال: وكان من سنة المكيين وهم على ذلك إلى اليوم إذا ثقل لسان الصبي المولود وأبطأ كلامه عن وقته جاءوا به إلى حجبة الكعبة، فسألوهم أن يدخلوا مفتاح الكعبة في فمه، فيأخذونه[1] الحجبة فيدخلونه خزانة الكعبة، ثم يغطون وجهه، ثم يدخل مفتاح الكعبة في فمه، فيتكلم وينطلق لسانه، ويتكلم سريعا بإذن الله تعالى وذلك مجرب بمكة إلى يومنا هذا ... انتهى. وأهل مكة يفعلون ذلك إلى الآن.
ومنها: أنها تفتح بحضرة خلق كثير إلى الغاية ويدخلها الجميع متزاحمين، ويصلون فيها أجمع، وتسعهم بقدرة الله تعالى، وما علمت أن أحدا مات من الزحام إلا خمسة وثلاثين نفرا ماتوا دفعة واحدة سنة إحدى وثمانين وخمسمائة على ما ذكره أبو شامة في "الروضتين"[2] نقلا عن ابن القادسي، عن الحجاج في هذه السنة، وذكر ذلك أيضا ابن البزوري في "ذيل المنتظم" وعزاه للحجاج.
ومنها على ما قيل: إنها منذ خلقها الله تعالى لم تخل من طائف من الإنس أو الجن أو الملائكة، ذكر ذلك المحب الطبري وابن جماعة. وسبقهما إلى مثل ذلك السهيلي، وأفاد في ذلك خبرا غريبا، لأنه قال لما ذكر بناء ابن الزبير للكعبة، وفي الخبر أنه سترها حين وصل إلى القواعد، فطاف الناس بتلك الأستار، فلم تخل قط من طائف، حتى لقد ذكر أن يوم قتل ابن الزبير اشتدت الحرب، واشتغل الناس، فلم ير طائف يطوف بالكعبة إلا جمل يطوف بها[3] ... انتهى.
ومنها: ما قال ابن الحاج: وذكر ابن أبي خيثمة قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا ثابت بن يزيد قال: حدثنا هلال بن حبان، عن عمرو بن ميمون قال: رأيت دخان البيت لا يشد يمينا ولا شمالا، ولا قدام ولا خلف، يصعد في السماء ... انتهى.
ولعل المراد بالدخان: دخان ما يجمر به الكعبة، والله أعلم.
ومنها: وقع هيبتها في القلوب.
ومنها: حفظها من الجبابرة وتذللهم لها، والانتقام ممن أرادها بسوء، كما جرى لتبع، والهذليين، وأصحاب الفيل، وغيرهم ممن أساء الأدب فيها.
ونشير هنا لشيء من ذلك على سبيل الاختصار. [1] كذا في الأصل، وهي لغة أكلوني البراغيث. [2] ينقل الفاسي هنا عن القسم المفقود من كتاب الروضتين، وهذا الخبر موجود في "العقد الثمين" 1/ 189، ودرر الفرائد "ص: 265"، وإتحاف الورى 2/ 554. [3] الروض الأنف 1/ 221.
اسم الکتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام المؤلف : التقي الفاسي الجزء : 1 صفحة : 249