responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام المؤلف : التقي الفاسي    الجزء : 1  صفحة : 242
ذكر بدء الطواف بهذا البيت المعظم وما ورد من طواف الملائكة
...
ذكر بدء الطواف بهذا البيت العظيم وما ورد من طواف الملائكة:
روينا في تاريخ الأزرقي أن بعض أهل الشام سأل بمكة زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن بدء الطواف بهذا البيت، فقال له علي بن الحسين: أما بدء الطواف بهذا البيت: فإن الله تعالى قال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] .
قالت الملائكة: يا رب، أخليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون ويتباغضون ويتنازعون؟ أي رب اجعل ذلك الخليفة منا، فنحن لا نفسد فيها، ولا نسفك الدماء، ولا نتحاسد ولا نتباغض[1] ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، ونطيعك ولا نعصيك. قال الله تعالى: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] قال: فظنت الملائكة إنما قالوا ردًّا على ربهم عز وجل وأنه قد غضب من قولهم، فلاذوا بالعرش، ورفعوا رءوسهم، وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه، وطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر

[1] في أخبار مكة للأزرقي قدم "تباغض" على تحاسد وزاد "ولا نتباغى".
قلت: إذا كان الطائف بهذه المزية، فينبغي له إخلاص النية، وحفظ اللسان عما يؤدي إلى النقصان، وما أحسن قول الشيخ محب الدين الطبري: واعلم أن التحدث في الطواف على غير النحو المتقدم في الفصل قبله خطأ كبير وغفلة عظيمة، ومن لابس ذلك فقد لابس ما يمقت عليه، خصوصا أنه صدر ممن ينسب إلى العلم والدين فإنه إذا أنكر على من دونه واحتج به فصار فتنة لكل مفتون، ومن أمر محادثة المخلوق في أمر الدنيا، والإقبال عليه، والإصغاء لحديثه على ذكر خالقه، والإقبال عليه وعلى ما هو متلبس به عبادته، فهو عين الرأي، لأن طوافه بجسده، وقلبه لاه ساه، وقد غلب الخوض فيما لا يعنيه حتى استرسل في عبادته، كذلك فهو إلى الخسران أقرب منه إلى الربح، ومثل هذا خليق بأن يشكوه إلى الله عز وجل وإلى جبريل عليه السلام ولعل الملائكة تتأذى به، وكثير من الطائفين يتبرءون منه، فعلى الطائف أن يبذل جهده في مجانبة ذلك[1] ... انتهى.
وقال سليمان بن خليل: وليحذر أن يكون ممن وصفه بعض العلماء العاملين فقال:
يا من يطوف ببيت الله بالجسد ... والجسم في بلد والروح في بلد!
ماذا فعلت وماذا أنت فاعله؟ ... بهرج في اللقا للواحد الصمد
إن الطواف بلا قلب ولا بصر ... على الحقيقة لا يشفي من الكمد

[1] القرى "ص: 324، 325".
اسم الکتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام المؤلف : التقي الفاسي    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست