responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 537
اقترب الوعد وحان الهلاك ... وكل ما تحذره قد أتاك
خليفة يلعب في مكتب ... أمه حبلى وقاض ... (1)
وهذه الأناشيد اللاذعة وأمثالها تعبر عن روح العصر، وتدل على ما كان يثيره موقف صبح وسمعتها، من الحملات المرة. وتتفق الرواية الإسلامية في الإشارة إلى هذه العلاقة الغرامية التي استطال أمدها، بين صبح وابن أبي عامر، وإن كانت تؤثر التحفظ والاحتشام، ولم نجد ما يعارضها سوى كلمة أوردها المقري لكاتب مغربي يدافع فيها عن ابن أبي عامر، ويدفع عن صبح تهمة شغفها به، ويرمي أولئك الشعراء بالتحامل والكذب [2].
على أنه يبدو أن الحوادث قد بدأت تتطور من ذلك الحين، وأن موقف صبح قد بدأ يتخذ وجهة أخرى. فقد أدركت صبح أخيراً ما يرمي إليه ابن أبي عامر، وأدركت خطورته على مستقبل ولدها، ومستقبل الأسرة والخلافة، فثارت نفسها سخطاً. وكانت صبح قد جاوزت الأربعين يومئذ، وقد تصرم ذلك الحب القديم، الذي شغفها بابن أبي عامر دهراً، وأضحت تبغض ذلك الرجل الذي سلب ولدها، وسلبها كل نفوذ وسلطة، ومن ذلك الحين تنقلب صبح إلى خصومة ابن أبي عامر ومقاومته. وقد كان من الصعب، إزاء عزم ابن ابي عامر ويقظته، وسلطانه الشامل، ان تستطيع صبح القيام بأية عمل مباشر، فلجأت عندئذ إلى العمل المستتر، وأخذت تبث في نفس ولدها هشام، بغض ابن أبي عامر والسعي إلى مناوأته واسترداد سلطانه منه، وتولى مقاليد الحكم بنفسه، وشهرت بواسطة أعوانها من الناقمين، على ابن أبي عامر، دعاية شديدة، واتهمته بأنه يسجن الخليفة الشرعي ويحكم رغم إرادته ويغتصب سلطته. والظاهر أن صبحاً لم تقف عند هذا الحد من المقاومة الأدبية، وأنها حاولت في نفس الوقت، أن تقوم بمحاولة عملية لمقاومة أبن أبي عامر وإسقاطه.
وربما كان لتدبير صبح وتحريضها، أثر فيما وقع يومئذ بين ابن أبي عامر وصهره القائد غالب، صاحب مدينة سالم. وكان غالب بالرغم من تقلده خطة الوزارة، يقيم بالثغر، بعيداً عن قرطبة. وكان يتمتع في قرطبة وسائر مدن الأندلس

(1) البيان المغرب عن ابن حيان ج 2 ص 300، ونفح الطيب ج 1 ص 281.
[2] راجع نفح الطيب ج 1 ص 282.
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 537
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست