responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 312
فأقبلوا على تعضيده وتأييده [1]. وأما عن العشور فقد أبدى محمد تشدداً في اقتضائها وقد نصح له وزيره عبد الرحمن بن غانم صاحب المدينة، بأن يسقط العشور متى عدمت الغلات، لأن العشور إنما تفرض على الغلات إذا وهبها الله، فإذا لم يزرع بذر ولم يستغل زرع وجب إسقاطها، فلم يستمع إليه محمد في البداية وعزله، وعين مكانه حمدون بن بسيل، وكان فظاً ظلوماً، فاشتط في تحصيل العشور، حتى ضج الناس بالدعاء عليه، ووصل صريخهم إلى الأمير، وتوالت في نفس الوقت أعوام الجدب والقحط، فاضطر الأمير أن يسقط عن الناس جملا من العشور، حتى يتنفس مخنقهم، ويستطيعوا مواجهة أعباء الحياة، ومواصلة نشاطهم العمراني، وأعلن الناس عندئذ بشكره ومدحه الشعراء [2]. وكان الأمير محمد بارعاً في الشئون المالية، دقيقاً في مراجعة الدخل والخرج، وقد ساعده ذلك على ضبط شئون الخزانة العامة [3]. وفي عهده أصيبت الأندلس بالقحط مرتين، الأولى بين سنتي 251 و255 هـ، والثانية في سنة 260 هـ، وكان قحطاً شديداً استمر بضعة أعوام، وكثر بسببه الغلاء والموت. ولكن الأندلس استطاعت أن تصمد للمحنة، وأن تتغلب عليها.
وفي عهده سار بلاط قرطبة على سنن الاعتدال، ومجانبة البذخ الذي ساد في أيام أبيه عبد الرحمن، وضعف نفوذ الجواري والصقالبة في القصر، ومع ذلك فقد استمر النظام الإداري الذي كان قائماً في عهد عبد الرحمن بتفاصيله تحت إشراف الأمير وتولي زمام الأمور نفس الرجال الذين تولوها من قبل، واجتمعت السلطات في أيدي أسرتي بني شُهيد وبني أبي عَبْدة، أعظم الأسر القرطبية يومئذ، وتولى الحجابة لمحمد في البداية عيسى بن شهيد حاجب أبيه من قبل. وقد أشرنا من قبل إلى هذا الوزير النابه غير مرة. ثم خلفه في الحجابة عيسى بن الحسن ابن أبي عبدة، فكان من أرجح الوزراء عقلا وإصابة، وكان طوال خدمته هدفا لمنافسة هاشم بن عبد العزيز ودسائسه، وقد خلفه هاشم بالفعل في الحجابة، ولبث يضطلع بها أعواماً طويلة حتى وفاة الأمير محمد، وكان هاشم بن عبد العزيز ينتمي إلى أسرة من المولدين، وكان من أعظم رجالات الحرب والسياسة في

[1] البيان المغرب ج 2 ص 111 و112، وأخبار مجموعة ص 141 و142.
[2] ابن حيان - مخطوط القرويين لوحة 230 أو255.
[3] البيان المغرب ج 2 ص 110.
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست