responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 188
فقتل. ولما رأى الحسين بن يحيى أن عبد الرحمن قد ارتد عنه، وعاد إليه ولده سالما، نكث بعهده وعاد إلى الثورة، وعاث فسادا في سرقسطة وأعمالها، فاعتزم عبد الرحمن أن يعود إلى قتاله، وأن ينكل به وبأنصاره في تلك المرة. فبعث إلى الشمال جيشاً كثيفاً بقيادة غالب بن تمام بن علقمة، فخرج الحسين إلى لقائه، ووقعت بينهما معارك شديدة هزم فيها الحسين، وأسر ولده يحيى وعدة من صحبه، فأرسلوا إلى قرطبة حيث أمر عبد الرحمن بإعدامهم، وامتنع الحسين بالمدينة واستمر غالب في حصاره. وفي العام التالي (سنة 167هـ - 783 م) سار عبد الرحمن بنفسه إلى سرقسطة وحاصرها بشدة، وضربها بالمجانيق ضرباً عنيفاً حتى هدم أسوارها، واقتحمها عنوة، وقبض على الحسين وجماعة من صحبه، وقتلهم جميعاً، وشرد كثيراً من أهلها، وفر سعيد ولد الحسين، وعين عبد الرحمن قائده ثعلبة بن عبيد واليا لسرقسطة، وكان قد افتداه من أسر الفرنج حسبما تقدم. وركدت بذلك ريح الثورة في الشمال مدى حين [1].
وشغل عاهل الفرنج شارلمان مدى حين عن شئون إسبانيا، لأن القبائل السكسونية عادت فنكثت طاعته، وعاد لقتاله خصمه القوى فيدوكنت، واستمرت الحرب بينهما زهاء سبعة أعوام وانتهت بهزيمة السكسونيين، وخضوع زعيمهم وإرغامه على التنصير (سنة 785 م). بيد أن عبد الرحمن رأى أن يتفاهم مع زعيم الفرنجة، وأن يؤثر صداقته ومداراته على خصومته، فبعث إليه يطلب عقد الصداقة معه، ويكاشفه برغبته في مصاهرته، فأجابه شارلمان إلى السلم ولم تتم المصاهرة [2]. وفي بعض الروايات أن شارلمان هو الذي عرض على عبد الرحمن أن يزوجه ابنته فاعتذر عبد الرحمن باعتلال صحته [3]. واستمر السلام معقودا بين الزعيمين حتى وفاة عبد الرحمن.

[1] ابن الأثير ج 6 ص 22، والبيان المغرب ج 2 ص 59.
[2] المقري عن ابن حيان (ج 1 ص 155). ولا تقدم الرواية لنا تفصيلا عن مشروع المصاهرة هذا، ولكن الظاهر أن عبد الرحمن طلب الاقتران بإحدى بنات شارلمان، والمرجح أنها " هروترود " كبرى بناته، وكانت وحدها تصلح للزواج في ذلك الحين. ويرى رينو أن المقصود بهذه الإشارة إنما هو عبد الرحمن الثاني أو عبد الرحمن الأوسط حفيد عبد الرحمن الداخل، فقد كانت علائقه بملك الفرنج (شارل الأصلع) على ما يرام، وكان هذا الاتصال بين الأمراء الفرنج والمسلمين ذائعا ( Reinaud: ibid , p. 98)
[3] راجع: Scott: Moorish Empire, V.I.p. 40
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 188
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست