اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله الجزء : 1 صفحة : 135
المعروف بالذمي لتحالفه مع أهل الذمة، والتف حوله النصارى فضلا عن أنصاره من العرب والبربر، وسار إلى إشبيلية فاستولى عليها, واتسع نطاق الثورة في تلك الأنحاء، فوجه إليه يوسف جيشاً لقتاله فهزمه عروة، فسار إليه يوسف بنفسه، ووقعت بينهما معارك شديدة انتهت بهزيمة عروة وأسره، ثم بقتله مع نفر من أصحابه. بيد أن ثورة أخطر وأوسع نطاقا كانت تدبر عندئذ في الشمال لخلع يوسف والصميل وسحق سلطانهما. وكان روح هذه الثورة ومدبرها زعيم مضري شديد البأس والجاه، هو عامر بن عمرو بن وهب العبدري، وكان عامر عريق الحسب والعصبية، وافر الجاه والأتباع، يتزعم مضر ويقودها خلال الحوادث، وكان صديقاً ليوسف الفهري قبل ظفره بالإمارة، يتولى مثله قيادة الجيش، فلما وُلِّى يوسف نزعها منه، وكان كباقي الزعماء ينقم من يوسف والصميل استئثارهما بالسلطة واستبدادهما بالشئون. فلما اضطرمت الأندلس بالفتن واتسع نطاق الثورة، أخذ يدبر وسائل الخروج على يوسف، وكان يبسط نفوذه على الجزيرة الخضراء، ثم انتقل إلى قرطبة يرقب الحوادث، وكاتب الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور، وعرض عليه أن يدعو له بالأندلس، وأن يحكمها باسمه، إذا بعث إليه بمرسوم إمارتها. وكان يتودد فوق ذلك إلى اليمانية، وينعى على يوسف والصميل إسرافهما في سفك دمائهم يوم شَقُندة، فالتفت حوله اليمنية والمضرية. ولم يكن يوسف يجهل حركاته وتدابيره، فلما هم بمطاردته والقبض عليه، فر إلى الشمال في كثير من أتباعه. وكان ثمة زعيمان قرشيان آخران هما الحباب بن رواحة الزهري من بني كلاب، وتميم بن معبد الفهري، قد رفعا لواء الثورة في ولاية سرقسطة، فتفاهم معهما عامر وتحالف، واجتمع إليه جيش كبير من اليمنية والمضرية والبربر، وزحف عامر والحباب الزهري على سرقسطة، حيث كان الصميل، وضيقا عليه الحصار. فاستغاث الصميل بحليفه يوسف. ولكن يوسف لم يستطع أو لم يُرد إنجاده بغية القضاء على سلطانه [1]. فاضطر الصميل أن يلقى خصومه في أنصاره وأتباعه القلائل. ونشبت بين الفريقين مدى أشهر معارك عديدة، انتهت بهزيمة الصميل وانسحابه من سرقسطة في فل أنصاره، فدخلها عامر وحليفه، واستوليا عليها (سنة 136 هـ - 753 م). وعمت الثورة كورة [1] البيان المغرب ج 2 ص 38 و43.
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله الجزء : 1 صفحة : 135