responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 131
وكان المتفق عليه بين اليمنية والمضرية أن يتعاقبا في الولاية فيمكث يوسف عاما فقط ثم يُرد الأمر إلى اليمنية [1]. ولكن المضرية وعلى رأسهم الصميل مرجع الزعامة والأمر يومئذ، لم يفكروا بلا ريب في تمكين اليمنية من الرياسة بأى الصور، وكذلك لا ريب في أن يوسف بن عبد الرحمن لم يفكر بعد أن ظفر بالإمارة أن ينزل عنها طائعاً مختاراً، بل بادر منذ البداية إلى استخلاص جميع السلطات لنفسه، فنزع ولاية ريُّه من يحيى بن حريث الجذامي أحد الزعماء اليمنية، وكان ينافسه ويعارض إمارته، فأقطع ريه ثمناً لموافقته. فلما نزعت منه ريه ثار قومه من اليمنية والتفوا حوله. وهنا أيضا ظهر أبو الخطار الأمير المعزول على مسرح الحوادث، وكان يقيم كما تقدمنا في باجة، بغرب الأندلس. فلما علم بتولية يوسف وخروج ابن حريث، تحرك للعمل، وفاوضه ابن حريث ولكنهما لم يتفقا، إذ أصر كل منهما على ترشيح نفسه للإمارة، بيد أنهما اجتمعا على قتال يوسف ابن عبد الرحمن، وحشد كل منهما جموعه من الفريق الذي يؤازره، وزحفا على قرطبة. وحشد يوسف والصميل جموع المضرية، وبالغ كل فريق في الأهبة، والتقيا أخيرا في شقندة بالقرب من قرطبة (سنة 130 هـ - 747 م) ونشبت بينهما موقعة هائلة تبالغ في روعتها الرواية الأندلسية، إذ تقول لنا: " إنه لم يك بالمشرق ولا بالمغرب، حرب أصدق منها جلاداً ولا أصبر رجالا، طال صبر بعضهم على بعض إلى أن فنى السلاح، وتحاذبوا بالشعور، وتلاطموا بالأيدي، وكلّ بعضهم عن بعض " [2]. واستمر القتال حيناً سجالا بين الفريقين، ثم داهمت المضرية ذات يوم جموع اليمنية على غرة، فأوقعت بها، وأسر أبو الخطار واِبن حريث وكثير من أصحابهما، وقتلوا جميعاً بأمر الصميل، وجردت اليمنية من زعمائها، واستقر الأمر ليوسف، ولكنه كان يخشى الصميل، لأنه كان بنفوذه وكثرة عصبته، يقبض على ناصية الموقف، فرأى أن يبعده عن قرطبة، وأقطعه ولاية سرقسطة وأعمالها، فسار الصميل إلى سرقسطة واستقل يوسف بالأمر.
ونشط يوسف إلى ضبط النظام، وإصلاح الشئون في ظروف صعبة. وكانت السلطة المركزية قد اضمحلت، وهبت ريح الفتنة من كل صوب.

[1] ابن الأثير ج 5 ص 183.
[2] المقري عن ابن حيان ج 2 ص 61.
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست