اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله الجزء : 1 صفحة : 125
شديدة، وأبدى الشاميون شجاعة وجلداً. ولكن عبد الرحمن اللخمي صمم على قتل بلج، فحمل بجند أربونة على الشاميين، وشق بينهم طريقاً إلى مكان بلج، وأثخنه طعاناً توفي منها بعد أيام. ومع ذلك فقد انتصر الشاميون على البلديين انتصاراً باهراً فارتدوا منهزمين. وعاد الشاميون ظافرين إلى قرطبة، وقدموا عليهم ثعلبة بن سلامة العاملي، وكان من أصحاب بلج الذين عبروا معه إلى الأندلس كما قدمنا. فتولى إمارة الأندلس، وقيل في إمارته ما قيل في إمارة بلج، من أنه وليها بعهد من الخليفة، أو من كلثوم والي افريقية يليها بعد بلج، وكانت ولايته في شوال سنة 124 [1]. فقبض ثعلبة على زمام الأمور بحزم، وحاول أن يضبط النظام والأمن، وأبدى كثيرا من اللين والاعتدال، ولكن سلطان الحكومة المركزية كان قد تضعضع، وانقسمت الأندلس إلى مناطق عديدة للنفوذ، ولبثت الغلبة في الأقاليم الوسطى والشمالية، لجماعة من الزعماء الخارجين على حكومة قرطبة، مثل أمية وقطن ابنى عبد الملك، وعبد الرحمن بن حبيب الفهري، وعبد الرحمن اللخمي حاكم أربونة، واستمر يؤازر هذا الفريق سواد العرب المحليين والبربر. ولم تمض أشهر قلائل حتى اضطرمت الحرب مرة أخرى بين الفريقين المتنازعين، ونشبت بينهما مواقع عديدة على مقربة من ماردة، فهزم الشاميون أولا واعتصم ثعلبة بقلعة ماردة، ولكنه عاد فكر على خصومه وهزمهم هزيمة شنيعة، وأسر وسبى منهم جموعا كبيرة، وعاد ظافرا إلى قرطبة، وقرر إعدام الأسرى ليلقى على خصومه درسا قاسياً. ولكنه قبل أن يتمكن من تنفيذ عزمه، قدم إلى قرطبة حاكم جديد للأندلس، هو أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي، بعثه حنظلة بن صفوان والي إفريقية، إجابة لجماعة من زعماء الأندلس، خشوا من عواقب الفتنة، وما قد تؤدي إليه من استظهار نصارى الشمال، وإغارتهم على الأراضي الإسلامية [2]، وقيل إن الذي اختار أبا الخطار لولاية الأندلس، هو هشام بن عبد الملك [3]، اختاره قبيل وفاته بقليل، إذ توفي في ربيع الثاني سنة 125. وقدم أبو الخطار إلى الأندلس [1] البيان المغرب ج 2 ص 32 و33؛ ونفح الطيب ج 2 ص 59 و60؛ وابن الأثير ج 5 ص 95. [2] ابن عبد الحكم ص 221؛ وأخبار مجموعة ص 45؛ وابن الأبار في الحلة السيراء ص 46؛ وكذلك Dozy: Hist , V.I. p. 168 [3] ابن الأثير ج 5 ص 100؛ وابن الأبار ص 48.
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله الجزء : 1 صفحة : 125