اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 531
لهذا الرأي الأخير فهي "أمة الحارث بن حصين"، ومن ثم فهي من أصل يهودي[1]، فإذا أضفنا إلى ذلك أنه كان أحمر أبرش قصير[2]، لتبين لنا بوضوح السبب في أن القوم كانوا كثيرًا ما يتهكمون به، مما أثر في نفسيته وفي سلوكه، حتى أصبح سريع الغضب، سهل التصديق للوشايات، حتى أوقع بـ "عدي بن زيد" الذي أجلسه على العرش، وحين أراد أن يكفر عن خطيئته هذه، أضاع نفسه وأضاع عرشه[3].
وهكذا تذهب بعض الروايات إلى أنه ساعد "زيد بن عدي بن زيد"، ليكون عند "كسرى أبرويز" "590-628م" في مكان أبيه، وأن زيدا إنما كان يضمر الحقد للنعمان، وينتهز الفرصة للانتقام منه، وقد جاءته هذه في طلب كسرى زوجاته لأولاده، ومن ثم فقد أشار عليه بأن يطلبهن من النعمان، ففي بناته وبنات عمه وأهله، أكثر من عشرين امرأة، يصلحن لمصاهرة كسرى، وكان زيد يعلم أن النعمان إنما يضن بذلك على كسرى، بل إن جوابه إنما كان على طلب كسرى "أما في بقر السواد وفارس ما يكفيه "أي كسرى" "حتى يطلب ما عندنا"، وكان ذلك سببا في غضب كسرى، وفي استدعاء النعمان إلى فارس بغية القضاء عليه، ومن ثم فقد هرب النعمان إلى أصهاره في "طيء"، أملا في حمايتهم له، ولكن القوم رفضوا حمايته، مما دفعه إلى أن يودع أهله وماله عند "هانئ بن مسعود الشيباني" وأن يتوجه إلى كسرى، حيث أرسل مخفورا إلى "خانقين" أو "ساباط"، وبقي هناك حتى مات بالطاعون على رواية، وطرح بين أرجل الفيلة فداسته حتى مات على رواية أخرى[4].
وعلى أي حال، فيبدو أن دولة الحيرة قد بدأ الضعف يتسرب إليها على أيام النعمان، لانصرافه إلى اللعب والشراب، فعلى أيامه هزم "بنو يربوع" جيش [1] تاريخ الطبري 2/ 194، تاريخ اليعقوبي 1/ 212، حمزة الأصفهاني، المرجع السابق ص73. [2] تاريخ الطبري 2/ 194، تاريخ ابن خلدون 2/ 266. [3] محمد أحمد جاد المولى وآخرون: أيام العرب في الجاهلية ص13-18. [4] ابن الأثير 1/ 482-488، ابن خلدون 2/ 265-267، تاريخ اليعقوبي 1/ 214-215، مروج الذهب 2/ 76-87، تاريخ الطبري 2/ 201-206، المعارف ص384، الشعر والشعراء 1/ 150-156، المقدسي 3/ 205-206، ياقوت 4/ 293-294، اللسان 6/ 308، أيام العرب في الجاهلية ص18-24، دائرة معارف وجدي 7/ 24، شعراء النصرانية ص491، ديوان الأعشى ص128، محمد الخضري 1/ 32، جرجي زيدان: المرجع السابق ص220.
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 531