responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران    الجزء : 1  صفحة : 393
ولينصرن الله من ينصره، أما أن يرسل النبي الكريم -فيما يزعم الرواة- جيشا إلى المدينة ليقوم فيها بمجزرة بشرية مروعة، تنتهي بإفناء القوم جميعًا، إلا طفل ضنوا عليه من الموت لوضاءته، فأمر لا يمكن أن يقبل على علاته من عامة الناس، فضلا عن أن يكون ذلك من كليم الله عليه السلام، وحتى هذه، فما شأن موسى بالعماليق في وسط بلاد العرب، أنسي أصحاب هذه الرواية أن موسى قد أرسل إلى بني إسرائيل خاصة[1]، وليس العماليق بالتأكيد من بني إسرائيل، كما أنهم هنا في المدينة المنورة -بعيدًا عن مصر وعن فلسطين، فضلا عن صحراء التيه- لم يعترضوا دعوته، وربما لم يسمعوا بها أبدًا، وحتى لو كانوا قوما جبارين-كما تذهب الرواية- أفكان موسى مكلفا بالقضاء على الجبارين في الأرض، وإذا كان ذلك كذلك، فلماذا القضاء على العماليق بالذات، وليسوا هم وحدهم الجبارين في الأرض، ثم ما هو الموقف بالنسبة إلى العماليق في غير يثرب؟
ومنها "خامسًا" أن بعض المؤرخين المسلمين أنفسهم إنما يشكون في صحة الرواية[2]، ومنها "سادسًا" أن هناك رواية أخرى -إخبارية كذلك- تقدم سببًا مختلفا لإقامة اليهود في المدينة، ذلك أن موسى -طبقًا لهذه الرواية- قد حج إلى بيت الله الحرام ومعه أناس من بني إسرائيل، وعند العودة رأوا في موضع المدينة صفة بلد نبي يجدون وصفه في التوراة بأنه خاتم النبيين، ومن ثم فقد أقاموا في موضع سوق بني قينقاع، ثم تآلفت إليهم أناس من العرب، فرجعوا على دينهم، فكانوا أول من سكن موضع المدينة[3]، وهكذا يبدو التضارب واضحًا في روايات

[1] من المعروف أنه ليس هناك نبي على الإطلاق قد أرسل إلى الناس كافة، غير سيدنا محمد رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" انظر: مقالنا: "قصة الطوفان بين الآثار والكتب المقدسة" مجلة كلية اللغة العربية بالرياض، العدد الخامس ص383-457، وانظر، على سبيل المثال الآيات الكريمة من سورة النساء "79" والأعراف "158" وإبراهيم "31-33، 52" والأنبياء "107" والحج" 49" والفرقان"1" وسبأ "82" وص"87" وانظر تفسير الطبري"8/ 561، 13/ 170 "دار المعارف"، 18/ 179-180، 22/ 96، 23/ 188-189 "لحلبي"، تفسير القرطبي 14/ 300-301 "دار الكتب" 15/ 229-231 "الكاتب العربي"، تفسير البييضاوي 2/ 83، 95، 137، 261-316، تفسير روح المعاني 11/ 160-161، 13/ 258-260.
[2] السهيلي: الروض الأنف 2/ 16، قارن ابن خلدون 2/ 88.
[3] وفاء الوفا 1/ 110، خلاصة الوفا ص155-156، الدرر الثمينة ص324-325، علي حافظ: فصول من تاريخ المدينة ص13-14، قارن ابن كثير 1/ 316.
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران    الجزء : 1  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست