اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 39
وهكذا نشأ علم التفسير لفهم القرآن وتدبره، ولتبيان ما أوجز فيه، أو ما أشير إليه إشارات غامضة، أو لما غمض علينا من تشابيهه واستعاراته، وألفاظه أو لشرح أحكامه[1]، وقد نشأ علم التفسير هذا في عصر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فكان النبي أول المفسرين له، ثم تابعه أصحابه من بعده[2]، على أساس أنهم الواقفون على أسراره، المهتدون بهدي النبي -عليه الصلاة والسلام[3]- ولعل أشهر المفسرين من الصحابة الإمام علي- كرم الله وجهه ورَضِيَ اللَّهُ عَنْه- وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود[4].
وفي عصر التابعين تضخم التفسير بالإسرائيليات والنصرانيات، لسبب أو لآخر[5] مما دفع الإمام أحمد بن حنبل إلى أن يقول كلمته المشهورة: "ثلاثة ليس لها أصل، التفسير والملاحم والمغازي" أي ليس لها إسناد، لأن الغالب عليها المراسيل[6]، وإلى أن يقول الإمام ابن تيمية: "والموضوعات في كتب التفسير كثيرة"[7].
ومع ذلك، ورغم هذه الشوائب، فالذي لا شك فيه أن كتب التفسير تحتوي على ثروة تاريخية قيمة، تفيد المؤرخ في تدوين التاريخ العربي القديم، وتشرح ما جاء مجملا في القرآن العظيم، وتبسط ما كان عالقًا بأذهان الناس عن الأيام التي سبقت عصر الإسلام، وتحكي ما سمعوه عن القبائل العربية البائدة، التي ذكرت على وجه الإجمال في القرآن الكريم، وما ورد عندهم من أحكام وآراء ومعتقدات[8]. [1] عمر فروخ: تاريخ الجاهلية ص16، وانظر: البرهان في علوم القرآن 2/ 13. [2] فتاوي الإمام ابن تيمية: 13/ 331-333. [3] راجع شروط المفسر وآدابه "الإتقان في علوم القرآن 2/ 175-187، تفسير المنار 1/ 17026، التبيان في علوم القرآن ص1770181". [4] انظر عن أشهر المفسرين من الصحابة "كشف الظنون 1/ 178، الإتقان 2/ 187-189، فتاوى ابن تيمية 13/ 364-366، 17/ 402، فجر الإسلام ص302-204". [5] انظر عن الإسرائيليات في التفسير: كتابنا "دراسات في التاريخ القرآني" -الفصل الثالث-، محمد السيد الذهبي: الإسرائيليات في التفسير والحديث، التفسير والمفسرون. [6] ابن تيمية: مقدمة في أصول التفسير ص14 "طبعة دمشق" تفسير المنار 1/ 8، وانظر: الأسرار المرفوعة ص339 كشف الخفاء 2/ 402، المقاصد الحسنة ص481، تمييز الطيب من الخبيث ص198. [7] ابن تيمية: المرجع السابق ص19. [8] لعل أشهر كتب التفسير إنما هي: تفسير الطبري وتفسير الثعلبي وتفسير المرتضى وتفسير المشكاة وتفسير البغوي وتفسير، الزمخشري وتفسير الطبرسي وتفسير ابن العربي وتفسير ابن عطية وتفسير الرازي وتفسير القرطبي وتفسير النسفي وتفسير النيسابوري وتفسير الخازن وتفسير أبي حيان وتفسير ابن كثير وتفسير البيضاوي وتفسير الجواهر وتفسير السيوطي وتفسير الجلالين وتفسير أبي السعود وتفسير الألوسي وتفسير القاسمي وتفسير المنار وتفسير وجدي وتفسير المراغي وتفسير سيد قطب، ولعل أشهر كتب التفسير التي روت كثيرًا من الإسرائيليات إنما هي: تفسير مقاتل بن سليمان والطبري والثعلبي والخازن، وأما التي تحرجت عن التوسع فيها فأشهرها: تفسير ابن كثير والألوسي ومحمد رشيد رضا.
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 39