responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران    الجزء : 1  صفحة : 381
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فأنزل الله عليه حين أحكم له دينه، وشرع له سنن حجه: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم} [1].
هذا وقد بلغ من تشدد الحمس أن الرجل منهم إذا ما أحرم بالحج أو العمرة لا يدخل دارا أو حائطا، وقد تعرض له الحاجة فلا يدخل بيته، بل ينقب نقبا في ظهره وينادي بأهله ليخرجوا له ما أراد، وكان بعض منهم إذا أرادوا بعض أطعمتهم وأمتعتهم تسوروا من ظهر بيوتهم وأدبارها حتى يظهروا على السطح، ثم ينزلون في حجراتهم، ويحرمون على أنفسهم أن يمروا تحت عتبة الباب.
وكانوا بعد الإحرام يحرمون على أنفسهم السمن واللبن والزبد ولبس الوبر، كما كانوا لا يدخلون بيتًا من الشعر، ولا يستظلون -إن استظلوا- إلا في بيوت الأدم، فهم إذن يحرمون على أنفسهم أشياء لم تكن العرب تحرمها، كما أنهم اختصوا أنفسهم بالقباب الحمر- وهي علامة الشرف والرياسة- تضرب لهم في الأشهر الحرم، كما فرضوا على العرب ألا يأكلوا من طعام جاءوا به من الحل إلى الحرم، إذا جاءوا حجاجا أو عمارا، ولا يطوفون بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثيات الحمس، فإن لم يجدوا طافوا بالبيت عراة، فإن تكرم منهم متكرم من رجل وامرأة، ولم يجد ثياب الحمس فطاف في ثيابه التي جاء بها من الحل، ألقاها إذا فرغ من طوافه ثم لم ينتفع بها، ولم يمسها هو ولا أحد غيره أبدًا، وكانت العرب تسمى تلك الثياب "اللقي"[2]، وبقي الأمر كذلك حتى أنزل الله سبحانه وتعالى قوله: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ، قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ، ْ

[1] سورة البقرة: آية 199، وانظر: تفسير الطبري 4/ 184-195، تفسير روح المعاني 2/ 86-90، تفسير الطبرسي 2/ 162-164، الكشاف 1/ 349-350، تيسير العلي القدير 1/ 163-164.
[2] ابن كثير 2/ 305، تفسير الطبري 4/ 188-189، الأزرقي 1/ 180-182، ابن هشام 1/ 204-206، ابن سعد 1/ 41، تاريخ اليعقوبي 1/ 257، المقدسي 4/ 32-33، نهاية الأرب 1/ 244، شفاء الغرام 2/ 41-42، ياقوت 5/ 184، المعارف ص269، صحيح البخاري 2/ 163، تاج العروس 4/ 132-133، محمد الخضري 1/ 57، أحمد إبراهيم: المرجع السابق ص189-190، العقاد: مطلع النور ص117، وكذا
H. LAMMENS, L'ARABIE OCCIDENTALE AVANT L'HEGIRE, BEYROUTH, 1928, P.130
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران    الجزء : 1  صفحة : 381
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست