responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران    الجزء : 1  صفحة : 373
أما التجارة، فكان لا بد -بعد زوال النشاط اليمني- أن يوجد من يسد هذا الفراغ ويقوم بدور الوسيط المحايد بين المتنازعين، لنقل التجارة، وقد وجد هذا الوسيط ممثلا في مكة[1]، التي حظيت منذ منتصف القرن الخامس الميلادي بمكانة ممتازة بين عرب الشمال، فضلا عن طرفي الصراع الدولي "الفرس والروم" وقت زامن وساعد على ذلك رغبة الفريقين المتنافسين في وجود مثل هذا الوسيط المحايد من ناحية، وبعد مكة وصعوبة الوصول إليها ما ناحية أخرى[2].
وهكذا كان موقع مكة الجغرافي سببًا في أن يجعل من المدينة المقدسة عقدة تتجمع فيها القوافل، التي تدر من العربية الجنوبية تريد الشام، أو القادمة من الشام تريد اليمن، حتى إذا ما كان القرن السادس الميلادي نجح القرشيون في احتكار التجارة في بلاد العرب، فضلا عن السيطرة على طرق القوافل التي تربط اليمن بالشام من ناحية، وبالعراق من ناحية أخرى[3].
وقد بلغت شهرة القرشيين في التجارة ومهارتهم فيها، إلى أن يذهب البعض إلى القول بأن "قريشًا" إنما سميت كذلك لاحترافها التجارة، لأن التقرش إنما هو التجارة والاكتساب[4]، وإلى أن تذكر رحلاتهم التجارية في القرآن الكريم، حيث يقول سبحانه وتعالى "لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"[5].

[1] أحمد إبراهيم: مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول - القاهرة 1965 - ص154
وكذا S.A. Huzayyin, Arabia And The Far East, P.142-3
وكذا E. Gibbon, Op. Cit., 5, P.213
[2] انظر كتابنا "دراسات في التاريخ القرآني".
[3] W.M. Watt, Muhammad At Mecca, Oxford, 1953, P.3
[4] ابن هشام 1/ 60، ياقوت 4/ 336، مجمع الأمثال 2/ 72، نهاية الأرب ص364 "بغداد 1958"، فجر الإسلام ص13-14، تاريخ مكة ص59، البلاذري 1/ 59، وراجع تفسيرات أخرى في: ياقوت 4/ 336-337، تفسير روح المعاني 30/ 238-239، تفسير الفخر الرازي 32/ 106
[5] سورة قريش، وانظر: تفسير القرطبي 20/ 200-209 "دار الكتب المصرية"، تفسير الفخر الرازي 32/ 103-110، تفسير البيضاوي 2/ 577، تفسير الطبري 30/ 305-309 "طبعة الحلبي"، تفسير روح المعاني 30/ 238-241.
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران    الجزء : 1  صفحة : 373
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست