اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 368
وفي الواقع -وكما يقول الأستاذ العقاد- فلقد كان بنو هاشم أصحاب عقيدة وأريحية ووسامة، وكان بنو أمية أصحاب عمل وحيلة ومظهر مشنوء، وينعقد الإجماع -أو ما يشبه الإجماع- على أخبار الجاهلية التي تنم على هذه الخصال في الأسرتين، وبقي الكثير منها إلى ما بعد قيام الدولة الأموية فلم يفندوه[1].
وورث عبد المطلب زعامة أبيه هاشم، فأصبح سيد قريش، وإن لم يكن أغناها، وهكذا تولى السقاية والرفادة بعد عمه المطلب، فأقامها للناس، وأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون قبله لقومهم من أمرهم، وشرف في قومه شرفًا لم يبلغه أحد من آبائه، وأحبه قومه، وعظم خطره فيهم، وفي الواقع فإن عبد المطلب لم يكن عظيمًا عند قريش فحسب، وإنما كان عظيمًا كذلك في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، ومن ثم فإن المؤرخين يرون أنه قد ذهب إلى اليمن مهنئًا بالملك، عندما تولى "معديكرب" سيف بن ذي يزن" عرش اليمن، بعد أن -نجح بمساعدة الفرس- في طرد الأحباش من اليمن[2]، مما يدل على أن الرجل كان ذا مكانة عند ملوك العرب، تعطيه الحق في الاتصال بهم، ثم تهنئتهم بعروشهم، كما يدل في الوقت نفسه على مكانته عند قريش، حتى أنه كان رئيسًا لوفدها في هذه المهمات العظيمة، والتي ربما كان من نتائجها أن يأخذ إيلافا لقومه من ملوك اليمن، ومن ثم فقد أصبحت قريش تنظم عيرا إلى اليمن في كل عام[3].
هذا وتذهب المصادر العربية إلى أن عبد المطلب قد لقي الكثير من المتاعب في توفير المياه للحجيج عندما تولى أمر السقاية والرفادة، وذلك بسبب دفن زمزم، ربما منذ أيام جرهم، وزاد الأمر صعوبة أن مكة كانت آن ذاك تمر بفترة قاسية ندرت فيها الأمطار، وجفت مياه الآبار -أو كادت- في وقت كان موسم الحج قد بدت طلائعه، وهنا رأى عبد المطلب -فيما يرى النائم- أنه يؤمر بحفر طيبة، [1] العقاد: مطلع النور ص118. [2] مروج الذهب 2/ 57-59، ابن الأثير 2/ 12، بلوغ الأرب 2/ 266-269، تاريخ الخميس ص271-272، تاريخ ابن خلدون 2/ 64، ابن كثير 2/ 328-330، الأزرقي 1/ 149-154، ابن هشام 1/ 151، تاريخ الطبري 2/ 251. [3] ذيل الأمالي ص199، جواد علي 3/ 77-78.
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 368