اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 348
بمكان الإشارة إلى أن حكم الفرس لليمن، إنما كان يكاد يكون مقصورًا على العاصمة "صنعاء" ومجاوراتها، وأن قبائل اليمن إنما كانت تتمتع أبدًا بحريتها[1]، وأن الحكم فيها إنما ترك لأبناء الملوك من الأسر المالكة القديمة، وللأقيال والأذواء، وهم الذين عرفوا عند الإخباريين بملوك الطوائف[2]، وأن القبائل اليمنية أصبحت تعيش كبقية قبائل شبه الجزيرة العربية في صراع فيما بينها، كما أصبح لها أسواق، تشبه أسواق بقية عرب داخل شبه الجزيرة، تأمن فيها على دمائها وأموالها[3].
ومع ذلك فليس هناك من شك في أن الفرس قد كسبوا الكثير من احتلالهم لليمن، فقد أصبحوا يسيطرون سيطرة فعلية على الطريق البحري التجاري إلى الهند عبر البحر الأحمر، كما سيطروا كذلك على الطريق البحري التجاري إلى الهند عبر البحر الأحمر، كما سيطروا كذلك على الطريق البري- طريق الحجاز- ولم يلبث الفرس أن توجوا جهودهم بفتح الشام ومصر، وأدرك هرقل "610-641م" أن الفرس قد أصبحوا أصحاب السلطان الفعلي على سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر، وأنهم خنقوا دولة أكسوم الحبشية -حليفة الروم- ولكن هذا الوضع سرعان ما تغير سريعا، إذ تمكن هرقل من استرداد سلطانه على الشام ومصر بعد حملة بحرية واحدة[4].
أما اليمن فكان الأمر فيها مختلفًا إلى حد كبير، ففي السنة السادسة من هجرة مولانا وسيدنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل "باذان" في الإسلام، ومن ثم فقد قضى على اليهودية والنصرانية والوثنية في اليمن، فضلا عن الحكم الأجنبي -حبشيًّا كان أم فارسيًّا[5]- في الفترة ما بين عامي 628، 630م[6]، وإن كانت رواية الطبري يفهم، منها أن "باذان" إنما أسلم في عام 628م، حيث تذكر أنه أسلم بعد أن جاءته الأخبار من فارس بقتل "كسرى أبرويز" "590-628م" وتولية "شيرويه" بعده، والذي لم يبق على العرش أكثر من ثمانية شهور[7]. [1] عبد المنعم ماجد: المرجع السابق ص77، وكذا
E. Gibbon, The Decline And Fall Of The Roman Empire, 5, 1950, P.216 [2] ابن قتيبة: المعارف ص278. [3] عبد المنعم ماجد: المرجع السابق ص77. [4] عبد العزيز سالم: المرجع السابق ص214-215، إبراهيم أحمد العدوي: قوات البحرية العربية في مياه البحر المتوسط - القاهرة 1963 - ص11. [5] تاريخ الطبري 2/ 656-657، ابن الأثير 2/ 213-215، ابن هشام 1/ 76-77. [6] جواد علي 3/ 528، وكذا W. Phillips, Op. Cit., P.223 [7] جواد علي 3/ 528، وكذا Ei, 4, P.178.، وانظر: تاريخ الطبري 1/ 656-657، ابن الأثير 1/ 492-497، 2/ 214-215.
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 348