اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 340
ناقشناه في الفصل الحادي عشر، من الجزء الأول من كتابنا "دراسات في التاريخ القرآني".
ويبالغ الأخباريون كثيرًا في وصف "كنيسة القليس" "وهي محرفة عن كلمة أكليسيا بمعنى كنيسة"، حتى أنهم يروون أن أبرهة لما أتم بناءها كتب إلى النجاشي يقول: "إني قد بنيت لك بصنعاء بيتًا لم تبن العرب ولا العجم مثله"[1] أو "إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب"[2].
وتذهب الروايات العربية إلى أن القليس إنما بنيت بجوار قصر غمدان، وبحجارة من قصر بلقيس بمأرب، وأن أبرهة قد كتب إلى قيصر الروم يطلب منه الرخام والفسيفساء ومهرة الصناع، كما أنه قد استعمل في بنائها طبقات من حجر ذي ألوان مختلفة، لها بريق، وأنه نقشها بالذهب والفضة والفسيفساء وألوان الأصباغ وصنوف الجواهر، وطعموا بابها بالذهب واللؤلؤ، ورشوا حوائطها بالمسك، وأقاموا فيها صلبانا منقوشة بالذهب والفضة والفسيفساء، وفيها رخامة مما يلي مطلع الشمس من البلق مربعة، عشر أذرع في عشر، تغشى عين من ينظر إليها من بطن القبة، تؤدي ضوء الشمس والقمر إلى داخل القبة، وكان تحت القبة منبر من شجر اللبخ- وهو عندهم الأبنوس- مفصد بالعاج الأبيض، ودرج المنبر من خشب الساج ملبسة ذهبًا وفضة، وكان في القبة سلاسل فضية[3].
وفي الواقع، فإنه رغم ما في وصف الإخباريين للقليس من مبالغات، فإن العصر كان حقًّا، عصر بناء الكنائس الضخمة التي أنشئت في العالم المسيحي، وأهمها: كنيسة "أيا صوفيا" في القسطنطينية، و"كنيسة المهد" في "بيت لحم"، واللتان تعودان إلى عهد الإمبراطور "جستنيان" "527-565م"، وقد تأثرت جميعها [1] تاريخ الطبري 2/ 130 الأزرقي 1/ 138، ابن كثير 1/ 170، ابن هشام 1/ 43، ياقوت 4/ 395، تفسير ابن كثير 8/ 504، تفسير القرطبي 20/ 188 "دار الكتب"، تفسير الطبري 30/ 300. [2] ابن كثير 1/ 170، ابن هشام 1/ 34، تفسير ابن كثير 4/ 548، تفسير الطبري 30/ 300، الأزرقي 1/ 138، تفسير القرطبي 20/ 187. [3] الأزرقي 1/ 138-139، أديان العرب ص35، ابن الأثير 1/ 442، تاريخ الطبري 2/ 130-131، النويري 1/ 182-183، ابن سعد 1/ 55، وكذا H. Scott, Op. Cit., P.212
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 340