اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 334
ولعل من أهم الوثائق المسيحية التي تتصل بتعذيب نصارى نجران، إنما هي رسالة "مار شمعون"، أسقف بيت رشام، إلى رئيس أساقفة "دير جبلة"، وفيها يتحدث "مارشمعون" كيف عرف بنبأ تعذيب نصارى نجران من رسالة من ملك حمير إلى ملك الحيرة، يطلب منه فيها أن يفعل بنصارى مملكته، ما فعله هو بنصارى نجران، وأن شمعون قد تأكد بنفسه من الحادث عن طريق رسوله الذي أرسله إلى نجران ليتحرى الحقائق، ومن ثم فقد وجه نداء إلى كل الأساقفة الرومان، وإلى بطريق الإسكندرية وإلى أحبار طبرية، طالبا منهم بذل الجهود لإيقاف هذه المذابح البشرية، ورغم ما تفيض به الرسالة من عواطف شخصية، ومن مبالغات متعمدة لإثارة الحمية الدينية عند رجال الدين المسيحي، ورغم أن ما جاء بها على لسان ملك حمير، إنما هو من كلام مار شمعون، وليس من كلام الملك الحميري، فإن الرسالة بصفة عامة صحيحة، ومن ثم فهي وثيقة تاريخية يمكن أن ينظر إليها باهتمام[1].
وهناك رواية يونانية تذهب إلى أن "ذا نواس" "Dunaas" ملك حمير، قد عذب نصارى نجران، في العام الخامس من عهد "جستين الأول" "518-527م" ومن ثم فقد قام نجاشي الحبشة بغزو حمير، وفر "Dunass" إلى الجبال، حتى إذا ما واتته الفرصة انقض على الجيش الحبشي، فأباده واحتل نجران، مما اضطر الأحباش إلى القيام بحملة ثانية انتصرت على الملك الحميري، وعينت مكانه "[2]Abrames".
على أن هناك رواية أخرى -يونانية كذلك- تذهب إلى أن الذي قضى على ذي نواس، إنما هو قيل من اليمن يدعى "إيدوج"، وذلك بسبب اضطهاد التجار المسيحيين الروم، ردا على اضطهاد الروم لليهود، مما أدى في نهاية الأمر إلى أن يمتنع جميع التجار المسيحيين من دخول اليمن، فأصيبت الأسواق التجارية اليمنية بالكساد، وساءت الأحوال الاقتصادية في البلاد، وقد أدى ذلك كله إلى أن يجمع [1] عبد المجيد عابدين: المرجع السابق ص55-56، جواد علي 3/ 464، النصرانية 1/ 61، مجلة المجمع العلمي، المجلد 23 عام 1948 ص18 "دمشق"،
وكذا J.B. Bury, Op. Cit., P.322. وكذا Zdmg, 35, 1881, P.2-4 [2] جواد علي 3/ 463
وكذا Zdmg, 31, 1877, P.67 وكذا Graetz, Op. Cit., P.88
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 334