اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 202
بل لقد حددها بعض الباحثين بعام 264/ 263ق. م[1]، فإذا ما تذكرنا صلات مصر القوية بفلسطين في العصور الفرعونية، وتذكرنا في الوقت نفسه أن دولة معين إنما كانت تحكم في فترة ازدهارها، ما يقال له الآن الحجاز وحتى فلسطين، وأن معين كانت دولة تجارية أكثر منها عسكرية، لتبين لنا أن العلاقات بين مصر ومعين -وبخاصة في الأمور التجارية- إنما كانت أمرًا طبيعيًّا[2].
على أن أهم المراكز المعينية خارج اليمن، ما كان في الشمال الغربي لبلاد العرب، حيث تقع واحة ديدان "العلا"، وفي واحة معون -وهي معان الحالية[3]- ويرى بعض الباحثين أن منطقة ديدان وما صاقبها من أراض إنما كانت بمثابة جزء من دولة معين، التي كان ملوكها يقومون بتعيين ولاة من قبلهم لإدارة هذه المنطقة يطلقون على الواحد منهم لقب "كبر" أي "كبير"، ويعهدون إليه بإدارة شئون المنطقة والمحافظة على الأمن فيها، ثم جمع الضرائب وإرسالها إلى "قرناو"[4].
وكان بجانب هؤلاء الولاة، حامية عسكرية وجالية تتألف من الأوساط التجارية في تلك الواحات، وكانت هذه البقاع موردًا للكسب بالنسبة لأهل الواحات الأصليين، وللقبائل التي كانت تقيم في مجاوراتها، فكانت القبائل الشمالية تقدم لهذه الجاليات ما تحتاج إليه من القوت والثياب، وكان لهم -من أجل ذلك- نوع من السيطرة والسيادة[5].
وقد أدى ذلك إلى نتائج هامة، منها "أولًا" احتكاك الحكام المعينيين بحكام سورية وأشور عن طريق التجارة الرئيسي، ومن ثم فلم يعن الأخيرون بتفهم النظم السياسية المختلفة للواحات المتفرقة التي تقع على طول هذا الطريق، ولم يهتموا بالمفاوضات مع الملوك المحليين للإقليم وأشرافه، وإنما اتجهوا إلى ذلك المقيم الجنوبي الذي كان معروفًا لديهم بإشرافه على الإقليم، وكانوا يخلطون بينه وبين الملك الجنوبي -الذي كان هذا المقيم يعمل في خدمته- فذكروا اسمه، كما لو كان هو الملك [1] A. GROHMANN, ARABIEN, P.26 [2] انظر مقالنا: العرب وعلاقاتهم الدولية في العصور القديمة، مجلة كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية -جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- العدد السادس، 1967م. [3] ألويس موسل: شمال الحجاز ص87. [4] A. MUSIL, OP. CIT., P.295 [5] ألويس موسل: المرجع السابق ص87.
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 202