responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران    الجزء : 1  صفحة : 112
[3]- الحيوان:
ليست دولة الحيوان في بلاد العرب بأفضل من دولة النبات، والجمل -على أي حال- هو الحيوان الأليف الوحيد الذي استطاع بعناده وصلابته السير- بجبروت وبتبختر- فوق رمال الصحاري، فهو يتلاءم تمامًا مع ظروف البيئة الصحراوية: الرمال في السير، والعطش في الحرّ، الشوك في الأكل، والوبر في البرد، وارتفاع القامة والرقبة في العواصف الرملية، ولو أنه حين تشتد العواصف الرملية يلزم إلباس الفم والمنخرين لثامًا واقيًا[1].
والجمل اثنان: جمل العدو، وجمل الحمل، أما الأول، فالهجان أو الهجائن، أي خيار الإبل، وتسمى أيضًا ذللا، والواحد منها ذلول، وتستخدم للركوب، وأحسن الهجائن ما كان من عمارة ومهرة، ثم "البعران" -جمع بعير- وهي الإبل التي تسخدم في حمل الأثقال[2]، وإن كانت أقل إبل الصحراء لبنًا، بينما تلعب الذلل دور الخيل في نطاقها، من حيث الحرب والانتقال[3].
والجمل ثروة العربي، وهو أداة انتقاله، بل هو نقده الذي يتبادل السلع بواسطته، وهو فوق ذلك وحدة القياس لمهر العروس، ودية القتيل، وأرباح الميسر، وغنى الشيخ، فكل ذلك قدر بعدد معين من الجمال، والجمل رفيق البدوي، وصنو نفسه، وحاضنته التي ترضعه، فيشرب لبنه بدل الماء "الذي يوفره للماشية"، ويجعل طعامه من لحمه، وكساءه من جلده، ويحوك بعض أجزاء خيمته من وَبَرِهِ، ويتخذ رَوَثَهُ وقودًا، وهكذا لم يعد الجمل -في نظر البدوي- "سفينة الصحراء" فحسب، بل هو "هبة الله"[4]، وصدق جل وعلا حيث يقول: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ، وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ، وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [5]، ومن هنا فقد لعب الجمل دورًا كبيرًا في حياة العرب

[1] جمال حمدان: المرجع السابق ص92-93.
[2] عمر فروخ: تاريخ الجاهلية ص34.
[3] جمال حمدان: المرجع السابق ص93.
[4] جواد علي 1/ 197 وكذا P.H. Hitti, Cit., P.21
[5] سورة النحل: آية 5-7 وانظر: تفسير الطبري 14/ 54-57 "دار المعرفة بيروت 1972".
تفسير النيسابوري 1/ 44-46. "نسخة على هامش الطبري".
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران    الجزء : 1  صفحة : 112
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست