اسم الکتاب : تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء المؤلف : الصابئ، هلال بن المحسن الجزء : 1 صفحة : 143
نفس أو ولد ولا حال إلا ولحقكم مثله، وإن تمادى أمده، من الله تعالى جده، فاعملوا ما بدا لكم. وما زال يكرر هذا وأشباهه حتى عرفه نسيم ووعاه وانصرف. وألقى ابن الفرات ذقنه على صدره ولحيته ساعةً ثم رفع رأسه فقال: سمعت ما كنا فيه؟ فقلت: نعم. وما كان لما جرى وجه، والقوم مكنوك واستناموا إليك في هذه الدفعة زيادةً على ما تقدمها. فقال: دعني من هذا يا أبا عبد الله، فوالله ليصحن ما قلت. وأُخبرك في هذا المعنى بخبر طريف جرى بين وبين أبي الحسن علي ابن عيسى، ما لهوت عنه إلا في هذه الدفعة، فإنه يتصور لي في النوم واليقظة، ويعترضني في الشغل والخلوة، وأنا أخبرك به: لما بلغ المكتفي بالله آخر أمره، كان العباس بن الحسن يجلس في كل يوم آخر النهار، فإذا فرغ من العمل جارانا خبر المكتفي بالله وعلته، وآيسنا من عافيته، وشاورنا فيمن يقوم بالأمر بعده، فلا يستقر الرأي على شيء يعتمده، إلى أن تكامل اليأس منه. فنحن في بعض العشايا عنده، وقد أردنا النهوض حتى قال: قد انقضى أمر الخليفة، وما نفترق إلا بعد تقرر الرأي على من يقعد مقعده، فما عندكم؟ فقال أبو عبد الله محمد بن داود: الله الله أيها الوزير أن نعدل عمن يقوم بهذا الأمر ونلزمه خيره وشره ونتصرف على أمره ونهيه. ونحو هذا الكلام. فقال لعلي بن عيسى: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: الله الله أيها الوزير في الإسلام، نحن جميعاً صنائع المعتضد بالله رحمة الله عليه ثم هذا الخليفة، ولكنه أمر الدين فقلد هذا شيخاً قد فهم الأمور وعرف بصواب الرأي والتدبير بعمارة هذه الثغور وحج البيت المعمور، ويقيم الحدود، ومن إذا قلت:
اسم الکتاب : تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء المؤلف : الصابئ، هلال بن المحسن الجزء : 1 صفحة : 143