اسم الکتاب : تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء المؤلف : الصابئ، هلال بن المحسن الجزء : 1 صفحة : 127
والمروءة معي، وإلا فعلي وعلي وحلفت له أيماناً مغلظة لأقصدن الخليفة الساعة، ولأُحولن إليه ألفي ألف دينار عيناً من خزانتي، فلا يصبح إلا وهي في يديه، وأنت تعلم قدرتي عليها، ولأقولن له: خذ المال، واستوزر فلاناً، وسلم
ابن الفرات إليه. نعم، ولا أذكر له إلا من يقبله قلبه، ويكون فيه نفاذ وحركة ولسان ومحرقة، ما يتعدى هذه الصفة أحد كتابك فيسلمك والله في الحال حرصاً على المال، ويراني المتقلد بمنزلة من أعطى ماله في قضاء حقه وبلوغ غرضه، فيخدمني ويتدبر بتدبيري، ويتسلمك فينتهي في مكروهك إلى حد يستخرج به المال منك، ويرده علي، وحالك تحتمله، ولكنك تفتقر بعده، فأكون قد حرست نفسي، وشفيت غيظي، وأهلكت عدوي واسترجعت مالي، وازددت محلا بصرف وزير وتقليد وزير. فلما استوفى قولي سقط في يديه وقال: يا عدو الله، أو تستحل ذلك مني؟ قلت: لست عدو الله، ولكني أستحل السعي على من يريد هلاكي وإزالة نعمتي فقال: أو أي شيء؟ قلت: تحلف لي الساعة بما أستحلفك به، على أن تكون معي لا علي، وأن تجريني على رسومي، وتحرس ضياعي، وترفع مني، وتعتقد الجميل في ولا تسعى لي في سوء، ولا تمكن مني أبداً ظاهراً أو باطناً، وتفعل كل ما تؤمنني به. فقال: وتحلف لي أيضاً على إخلاص النية، واعتقاد الطاعة، واعتماد المؤازرة والمظاهرة. فقلت: أفعل، وعملنا نسخة يمين حلف وحلفت بها على الشرائط المقدم ذكرها. وقال لي بعد ذلك: لعنك الله فما أنت إلا إبليس، والله لقدر سحرتني وعظمت مع ذلك في نفسي، وخففت ثقلاً عن قلبي، ولعمري إن المقتدر بالله لا يفرق بين موقعي وغنائي وكفايتي، وبين أخس كتابي مع الطمع الحاضر والمال المبذول، فليكن ما جرى منطوياً. فقلت: سبحان الله. فقال: إذا كان من غد فادخل إلى مجلس العموم لترى ما أُعاملك به. فقمت وقال: يا غلمان، بين يدي أبي عبد الله. فخرج بين يدي نحو مائتي غلام وعدت إلى داري. ولما طلع الفجر جئته عند الإصباح، وقد جلس في المجلس العام، فرفعني على كل من بحضرته، وقرظني تقريظاً كثيراً، ووصفني وصفاً جميلاً، حتى علم الحاضرون صلاح رأيه، وأمر بإنشاء الكتب إلى عمال النواحي بصيانة ضياعي، وإعزاز وكلائي، وإمضاء رسومي، ووقع إلى كتاب الدواوين بإبطال ما ثبت فيها من الزيادة علي، وقص معاملاتي، فدعوت له وشكرته، وقمت، فقال: يا غلمان، بين يديه. فخرج الحجاب يجرون سيوفهم، والناس يشاهدونهم، ورجع جاهي واستقامت أموري. فما حدثت بذلك إلا بعد القبض عليه. قال القاضي أبو علي: فقال لي أبو علي بن الجصاص عند استتمامه لهذا الحديث: فهل فعل أبي ما فعله مما يليق بما يقال فيه ويحكى عنه؟ قلت: لا. قال: فكانت له في تلك المقالات والحماقات المروية إن كانت حقاً أغراض غير معروفة. بن الفرات إليه. نعم، ولا أذكر له إلا من يقبله قلبه، ويكون فيه نفاذ وحركة ولسان ومحرقة، ما يتعدى هذه الصفة أحد كتابك فيسلمك والله في الحال حرصاً على المال، ويراني المتقلد بمنزلة من أعطى ماله في قضاء حقه وبلوغ غرضه، فيخدمني ويتدبر بتدبيري، ويتسلمك فينتهي في مكروهك إلى حد يستخرج به المال منك، ويرده علي، وحالك تحتمله، ولكنك تفتقر بعده، فأكون قد حرست نفسي، وشفيت غيظي، وأهلكت عدوي واسترجعت مالي، وازددت محلا بصرف وزير وتقليد وزير. فلما استوفى قولي سقط في يديه وقال: يا عدو الله، أو تستحل ذلك مني؟ قلت: لست عدو الله، ولكني أستحل السعي على من يريد هلاكي وإزالة نعمتي فقال: أو أي شيء؟ قلت: تحلف لي الساعة بما أستحلفك به، على أن تكون معي لا علي، وأن تجريني على رسومي، وتحرس ضياعي، وترفع مني، وتعتقد الجميل في ولا تسعى لي في سوء، ولا تمكن مني أبداً ظاهراً أو باطناً، وتفعل كل ما تؤمنني به. فقال: وتحلف لي أيضاً على إخلاص النية، واعتقاد الطاعة، واعتماد المؤازرة والمظاهرة. فقلت: أفعل، وعملنا نسخة يمين
اسم الکتاب : تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء المؤلف : الصابئ، هلال بن المحسن الجزء : 1 صفحة : 127