responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف المؤلف : ابن الضياء    الجزء : 1  صفحة : 89
وَقَالَ فِيهِ: وَكَانَ بِمَكَّة يَوْمئِذٍ أَبُو مَسْعُود الثَّقَفِيّ، كَانَ مكفوف الْبَصَر يصيف بِالطَّائِف ويشتو بِمَكَّة وَكَانَ رجلا نبيها نبيلاً عَاقِلا، وَكَانَ لعبد الْمطلب خَلِيلًا فَقَالَ عبد الْمطلب يَا أَبَا مَسْعُود: هَذَا يَوْم لَا يسْتَغْنى فِيهِ عَن رَأْيك فَمَاذَا عنْدك؟ فَقَالَ أَبُو مَسْعُود لعبد الْمطلب: اعمد إِلَى مائَة من الْإِبِل فاجعلها حرما لله وقلدها نعلا ثمَّ أثبتها فِي الْحرم لَعَلَّ بعض هَؤُلَاءِ السودَان يعقر مِنْهَا فيغضب رب هَذَا الْبَيْت فيأخذهم، فَفعل مثل ذَلِك عبد الْمطلب فَعمد الْقَوْم إِلَى تِلْكَ الْإِبِل فحملوا عَلَيْهَا وعقروا بَعْضهَا فَجعل عبد الْمطلب يَدْعُو، فَقَالَ أَبُو مَسْعُود: إِن لهَذَا الْبَيْت رَبًّا يمننعه فقد نزل تبع ملك الْيمن بِصَحْنِ هَذَا الْبَيْت وَأَرَادَ هَدمه فَمَنعه الله وابتلاه وأظلم عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام، فَلَمَّا رأى تبع ذَلِك كَسَاه الْقبَاطِي الْبيض وعظمه وَنحر لَهُ جزوراً فَانْظُر نَحْو الْيَمين هَل ترى شَيْئا؟ فَنظر عبد الْمطلب فَقَالَ: أرى طيراً بيضًا نشأت من شاطئ الْبَحْر وحلقت على رؤوسنا فَقَالَ: هَل تعرفها؟ قَالَ: وَالله مَا أعرفهَا مَا هِيَ بنجدية وَلَا غربية وَلَا شامية وَإِنَّهَا لطير بأرضنا غير مؤنسة. قَالَ: مَا قدرهَا؟ قَالَ: أشباه اليعاسيب، فِي مناقيرها حَصى كَأَنَّهَا حَصى الْخذف قد أَقبلت كالليل يكسع بَعْضهَا بَعْضًا، أَمَام كل دفْعَة طير يَقُودهَا أَحْمَر المنقار أسود الرَّأْس طَوِيل الْعُنُق فَجَاءَت حَتَّى إِذا حازت عَسْكَر الْقَوْم ركدت فَوق رؤوسهم ثمَّ أمالت الطير مَا فِي مناقيرها على من تحتهَا، مَكْتُوب على كل حجر اسْم صَاحبه ثمَّ رجعت من حَيْثُ جَاءَت وَقيل: كَانَ على كل حجر مَكْتُوبًا " من أطَاع الله نجا وَمن عَصَاهُ غوى " فَلَمَّا أصبحا انحطا من ذرْوَة الْجَبَل فمشيا فَلم يؤنسا أحدا، ثمَّ مشيا فَلم يسمعا حسا فَقَالَا: بَات الْقَوْم سامدين فَأَصْبحُوا نياماً، فَلَمَّا دنوا من عَسْكَر الْقَوْم إِذا هم خامدون، وَكَانَ الْحجر يَقع على بَيْضَة أحدهم فيخرقها حَتَّى يَقع فِي دماغه، ويخرق الْفِيل والدابه ويغيب الْحجر فِي الأَرْض من شدَّة وقعه، فَأخذ عبد الْمطلب فأساً وحفر حَتَّى أعمق فِي الأَرْض فملأه من الذَّهَب الْأَحْمَر والجوهر الْجيد وحفر لصَاحبه فملأه، ثمَّ قَالَ لأبي مَسْعُود: هَات خاتمك فاختر إِن شِئْت أخذت حفرتي وَإِن شِئْت حفرتك وَإِن شِئْت فهما لَك. فَقَالَ أَبُو مَسْعُود: اختر لي على نَفسك. فَقَالَ عبد الْمطلب: إِنِّي لم أك أَن أجعَل الْمَتَاع فِي حفرتي فَهِيَ لَك. وَجلسَ كل وَاحِد مِنْهُمَا على حفرته ونادى عبد الْمطلب

اسم الکتاب : تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف المؤلف : ابن الضياء    الجزء : 1  صفحة : 89
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست