اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو الجزء : 1 صفحة : 95
ومن القصور التي أقيمت على غرار ناعط محفد "مدر" المؤلف من أربعة عشر قصرًا كلها غنية بالأعمدة السامقة، وهي غاية في الفخامة والجمال. وهذه القصور والمحافد أشبه بقلاع يقيم فيها الأذواء والأقيال، تحتوي على هياكل وعلى تماثيل للآلهة.
كان اليمنيون ماهرين في فن البناء ونحت الحجارة, ويستدل من آثارهم الباقية أنهم عرفوا العقد المدبب الذي يستند على أعمدة باسقة. وقد بنى اليمنيون بالإضافة إلى القصور السدود والحصون والمعابد والحياض وخزانات المياه، وأكثروا من بناء الهياكل، إذ احتوت بعض مدنهم 60 هيكلًا، وبعضها الآخر 65 هيكلًا. ولم تكن عنايتهم بالإكثار من السدود والخزانات بأقل من ذلك، ولا تزال كثير من الخزانات والأحواض التي بنوها لخزن المياه مستعملة حتى الآن, على أن أهم أثر تركوه هو سد مأرب العظيم الذي تكلمنا عنه.
وكانوا يزينون مبانيهم بنقوش كتابية، أو برسوم تمثل بعض الحيوانات، مثل رءوس الثيران والسباع والظباء وغيرها، أو بزخارف من أغصان وأوراق الشجر والأزهار، أو ببعض الأشكال الهندسية الجميلة، وأحيانا كانوا ينقشون على الواجهات مشاهد من الحياة العادية كحراثة الأرض أو غير ذلك من أعمال الزراعة.
اللغة والكتابة:
بالرغم من أن اللغة العربية الجنوبية واللغة العربية الشمالية تمتان إلى الأصل السامي الواحد وتتشابهان، فإن لغة الجنوب قد اختلفت نوعًا ما عن لغة الشمال، مما دعا علماء اللغات إلى اعتبارها من لغات القسم الجنوبي للمجموعة السامية. وقد تفرعت إلى لهجات بحسب عصور الحكم المتعاقبة "اللهجة المعينية والسبئية والحميرية" ثم بدأت بالضعف بعد أن أخذت دول اليمن في الانحطاط، وانتقلت الأهمية إلى مناطق الشمال التي استقطبت نفوس العرب بمركزها الديني والاقتصادي، وطغت لغتها على لغة الجنوب، حتى إذا دخل دين الإسلام إلى الجنوب العربي، ودخلت معه لغة قريش، تلاشت كل لهجات الجنوب تلاشيا تاما، ولم يبق منها سوى النقوش والكتابات التي عثر عليها المستشرقون والرحالة الأوربيون، ونقلوها إلى أوروبا، حيث انصرفوا إلى فك رموزها، إلى أن تمكن العالمان "أوسيندر ورود يكردي هال" من قراءتها وتفسير نصوصها.
ويسمى الخط الذي كانت تكتب به هذه اللغات بالخط المسند؛ لأن حروفه تشبه
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو الجزء : 1 صفحة : 95