اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو الجزء : 1 صفحة : 287
جعلوا لها عيدًا في كل عام، وشجرة "ذات أنواط"، وكانت شجرة عظيمة خضراء يأتونها كل سنة تعظيمًا لها، فيعلقون عليها أسلحتهم ويذبحون عندها، وكانت قريبة من مكة، فإذا قصدوا الكعبة للحج علقوا أرديتهم على أغصانها، ودخلوا الحرم بغير أردية تعظيمًا للبيت، ولذا سميت "ذات أنواط"[1].
كما اعتقد الجاهليون بأن الكهوف والينابيع والحجارة العراض على الخصوص مأهولة بأرواح وعفاريت ذات قوى خارقة[2]، الأمر الذي دعاهم إلى تقديسها رهبة، بينما قدسوا أماكن أخرى تعظيما لوجود أولياء صالحين قبروا في باطنها، أو قدسوا ينابيع وآبارًا؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن في أعماقها قوى خفية خارقة، تكمن في الماء فتبعث الحياة في الأرض الميتة. [1] ياقوت الحموي: مادة أنواط. [2] بروكلمان: المصدر نفسه، ص24.
عبادة الملائكة:
والملائكة أرواح في نظر الجاهليين، فهم روحانيون؛ ولذلك عبدوهم. والقرآن الكريم يشير في بعض آياته إلى هذه العبادة: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ, قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُون} [1]. ومن الآيات الكريمة ما يشير إلى أن الجاهليين كانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله وقد خلطوا بينهم وبين الجن: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} [2]. ومعنى خرقوا في الآية الكريمة: افتروا وكذبوا "راجع التفاسير". [1] [سبأ: 40-41] . [2] [الأنعام: 100] .
عبادة الأسلاف:
ومن معتقدات الجاهليين تقديس قبور أسلافهم، والتعبد لها على طريقة عبادة السلف التي كانت معروفة لدى معظم الشعوب القديمة. وقد حملهم على ذلك، اعتقادهم بأن أرواح أمواتهم تلازمهم قبورهم، فالهامة في نظرهم تلازم الخرائب والقبور، كما تلازم
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو الجزء : 1 صفحة : 287