responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 285
من ذلك يتضح أن أقدم عبادة هي عبادة الأصنام، وقد اختلطت بها عوامل غيبية ربطتها بالأجرام السماوية قبل معرفة عبادة الله.

تقديس الأرواح وعبادتها:
لقد ساد في الجاهلية اعتقاد بأن في بعض المظاهر الطبيعية قوى خفية هي فوق قوى الطبيعة، منها ما يكون في الجسم وهي النفس، ومنها ما يكون خارج الجسم وهي الروح.
وتصور الجاهليون الروح بأنها شيء مخالف للجسم، أي للمادة، وأنها مثل النسيم أو الهواء لا يمكن رؤيتها، وبعضهم تصورها طائرًا يتبسط في الجسم، فإذا مات الإنسان أو قتل، لم يزل يطيف به مستوحشًا، يصدح على قبره. وزعموا أن هذا الطائر يكون صغيرا ثم يكبر، حتى يصير كضرب من البوم، ويلازم أهل الميت وولده دون أن يروه، ليعلم ما يكون بعده ليخبره[1]، كما قال الصلت بن أمية لبنيه:
هامي تخبرني بما تستشعروا ... فتجنبوا الشنعاء والمكروها
وكانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لن يُدرَك ثأره تصير هامة، فتزقو عند قبره "اسقوني، اسقوني"، حتى إذا أدرك ذووه ثأره طارت. والهامة هي الرأس، ومن معانيها أنها طير من طيور الليل يألف القبور، أو البومة. ولأسطورة الهامة صلة بأسطورة الصدى, وقد زعموا أن الصدى طائر يخرج من رأس المقتول إلى بَلي، وقيل: هو ذكر البومة أي مذكر الهامة[2].
وقد أشار الجاهليون إلى هذه المعتقدات في أشعارهم، كقول مغلس الفقعسي:
وإن أخاكم قد علمت مكانه ... بسفح قُبا تسفي عليه الأعاصر
له هامة تدعو إذا الليل جنها ... بني عامر هل للهلالي ثائر

[1] المسعودي: مروج الذهب، 2/ 132-133.
[2] جواد علي: 5/ 36-38.
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست