اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو الجزء : 1 صفحة : 261
كما كانوا متحللين من العصبية القبلية، لا يفرقون بين قبيلتهم وغيرها، من حيث الإغارة عليها والسطو على أموالها، وإن كانوا في أغلب الأحيان يؤثرون التمركز في المناطق المجاورة للأسواق التجارية أو طرق القوافل التجارية، بحيث يغيرون عليها, ويُعملون يد السلب والنهب فيها[1]. وقد اشتهر منهم عدد من الشعراء الذين أطلق عليهم اسم "الشعراء الصعاليك" والذين مارسوا هذه الأعمال، مثل: الشنفرى وعروة بن الورد، الذي اشتهر بعلو الأخلاق والجود والكرم، ينفق ما يسلبه على الفقراء والمعوزين, ومنهم "تأبط شرًّا" والسليك بن السلكة وجعفر بن علبة. والشعراء الصعاليك كانوا، على العموم، كرماء يتصفون بالشهامة والمروءة والأنفة. وفي شعر للشنفرى ما يبسط لنا بعض الصفات الخلقية لهؤلاء الشعراء حيث يخاطب بني قومه الذين آذوه، بأبيات من قصيدته المعروفة باسم "لامية العرب"2. [1] جواد علي: 1/ 369.
2
أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل
فقد حُمَّت الحاجات والليل مقمر ... وشُدَّت لطيات مطايا وأَرْحل
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ... وفيها لمن خاف القِلى متعزل
لعمرك ما في الأرض ضيق على امرئ ... سرى راغبًا أو راهبًا وهو يعقل
ولي دونكم أهلونَ سيد عملس ... وأرقط زهلول وعرفاء جيئل
هم الأهل لا مستودع السر ذائع ... لديهم ولا الجاني بما جر يخذل
وكل أبي باسل غير أنني ... إذا عرضت أولى الطرائد أبسل
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ... بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل
وما ذاك إلا بسطة عن تفضل ... عليهم وكان الأفضل المتفضل
أديم مطال الجوع حتى أميته ... وأضرب عنه الذكر صفحًا فأذهل
وأستف ترب الأرض كيلا يرى له ... علي من الطول امرؤ متطول
السجايا العربية:
يتضح مما تقدم أن القبائل العربية كانت في نزاع مستمر بينها, وقد طبعت حياة البداوة على الكفاح والذود عن الحمى، بل وممارسة الظلم في بعض الأحيان والمواقف، أي: مبادرة الخصم بالعداء قبل التعرض لعدائه. قال زهير بن أبي سلمى:
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه ... يُهدَّم ومن لا يظلم الناس يُظلَم
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو الجزء : 1 صفحة : 261