responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 197
بيئة مثل هذه يسودها الطيش والرعونة لا بد أن يكون الرئيس على قسط وافر من الحلم والحكمة؛ ليستطيع السيطرة على جهالة الجهال.
وأخيرًا لا بد أن يكون الرئيس على قسط كبير من العدل؛ لكي يكون محترمًا من الجميع، باعتبار أنه -في كثير من الأحيان- يكون الحَكَم الذي يرجع القوم إليه في المنازعات[1] التي تشجر بين أفراد القبيلة، ولكي يكون حكمه نافذًا على الجميع.

[1] الخلافات التي قد تنشب بين أعضاء القبيلة الواحدة على ملكية شيء ما تسوى في المجالس اليومية. أما حين ينشب الخلاف بين أفراد ينتسبون إلى قبائل مختلفة، فيلجأ المختصمون إلى رجل مشهود له بالتعقل والحكمة، أو إلى امرأة تتمتع بهاتين الميزتين، وغالبًا ما يكون الحكم كاهنا أو عرافا، ولكن الحكم لا يكون ملزما للمختصمين إلا إذا ارتضاه الخصمان، أو حتمه تفوق أحدهما على الآخر بقوة بأسه. "بروكلمان: تاريخ الشعوب الإسلامية، [1]/ 19".
شكل الحكم:
أما كيفية ممارسة الشيخ لسلطاته, فيغلب عليها النهج الديمقراطي، ذلك أن الفرد في القبيلة له مكانة مرموقة، وليس شيئا تافها عديم الأهمية. بل قد يؤدي قتل فرد من أفرادها على يد فرد من قبيلة أخرى إلى حرب بين القبيلتين أخذًا بثأره؛ لأن أهمية القبيلة تكون بقوة أفرادها وكثرة عددهم.
ولذلك وجب على الرئيس ألا يمارس على أفراد قبيلته سلطة دكتاتورية مستبدة طاغية، بل وجب عليه أن يسود قبيلته بالتشاور مع رؤساء وزعماء بطونها وذوي الرأي والمشورة من أبنائها، بحيث يضمهم مجلس يسمى "مجلس القبيلة" الذي ينبغي عليه أن يجتمع كلما دعت الضرورة إلى اجتماعه. ومع ذلك يمكن القول: إنه كان للرئيس نفوذ كبير على قبيلته، إذ كانت كلمته مطاعة من الجميع, يتبعون رأيه فيوجههم أنَّى شاء، يقيمون بإقامته ويظعنون بظعنه، وإذا دعاهم للحرب لا يتأخرون.
وللرئيس حقوق أدبية: معنوية ومادية على أفراد قبيلته مثلما عليه واجبات نحوهم. فلقاء ما يبذل من جهود لتأمين مصالحهم وتدبير معاشهم ورفع مكانتهم، وجب عليهم -كما يقول ابن خلدون- أن يوقروه ويجلوه ويحترموه[1]، وأن يرضوا بما يخص به نفسه من

[1] مقدمة ابن خلدون ص127.
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست