responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 165
التجارية، التي كانت تخترق شبه جزيرة العرب طولًا وعرضًا، قد استخدمتها محطات تستريح فيها من عناء السفر، فارتقت إلى مدن زاهرة، أسهمت في التجارة، وتحضرت وأَلِف سكانها حياة الاستقرار، بينما ثابرت سائر مناطقه على حياتها البدوية المألوفة. ولذا يمكن الحديث عن فئتين من سكان الحجاز:
1- عرب مستقرون من أهل المدن، تحضروا وبنوا المساكن من الحجارة والطين فسموا "أهل المدر".
2- عرب رحَّل من أهل البوادي، ثابروا على حياتهم القبلية المتنقلة، واعتمدوا على الغزو والرعي، وعاشوا تحت الخيام المصنوعة من الوبر، فسموا "أهل الوبر".
ولم تلبث مدن الحجاز المتحضرة مثل مكة ويثرب والطائف أن ارتقت، فأنشأ بعضها كيانات سياسية واجتماعية على شيء غير يسير من التنظيم, فهي جديرة إذن بالدراسة والاهتمام. وتأتي في مقدمة هذه المراكز الحضرية مدينة:

مكة:
التي تقع في وادٍ جديب غير ذي زرع، وفي منطقة جافة قارِّية المناخ حارة جدا في الصيف، إذ تشرف عليها جبال جرد تزيد في قساوة مناخها. ومع أن أمطارها قليلة، قد تمر سنة أو سنتان أو ثلاث لا تهطل عليها قطرة من المطر، فإنها حينما تهطل -وكثيرًا ما يحدث ذلك فجأة- تكون من الغزارة والقوة بحيث تشكل سيولا تنحدر في الشعاب والوديان وتهدد الكعبة أحيانا، بل قد تغمر جوانبها لأيام عديدة وتترك في إثرها ركامًا من الطين والحصى[1].
إن مكة بلدة قديمة، ذكرها بطليموس الإسكندري الذي عاش في القرن الثاني الميلادي، في كتابه الجغرافي باسم "مكورابا Macoraba" ولا بد أنها أقدم منه بكثير, غير أننا لا نجد كتابة جاهلية تدلنا على اسمها القديم. وإذا صحت تسمية بطليموس، ولم تكن محرفة عن الأصل، فهي تقابل لفظة "مكرب" التي تقدم معنا أنها

[1] Emile Dermenghem: La vie de mahomet, P. 25.
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست