responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 138
للنعمان[1]. وارتفع شأن زيد وبلغ نفوذه على ملوك الحيرة مبلغًا عظيمًا بحيث تمكن بدهائه من أن يكون حاكم الحيرة الفعلي، في أثناء الفتنة التي مرت بها الحيرة، عندما قام عربها يريدون قتل الملك المنذر ليتخلصوا من ظلمه، فأبدى الملك رغبته في التنازل عن العرش، وطلب من الفرس أن يعينوا ملكًا منهم، فما كان من زيد إلا أن سوى الأمور بين الملك وشعبه بحيث يكون هو حاكم الحيرة الفعلي والمنذر ملكها الاسمى.
وكان لزيد ولد يسمى عديًّا[2] -الشاعر المعروف- ربي في أحضان الفرس، وأصبح كاتبًا لكسرى، فرهبته العرب وتقربت منه، بينما هو قد تشرب دمه بالإخلاص للفرس والتفاني في خدمتهم. وقد لعب دورا كبيرا عندما شغر عرش الحيرة بمقتل المنذر وولي عليه العميل الفارسي إياس بن قبيصة بالوكالة. ذلك أنه عندما بلغ ضجر كسرى، ويأسه من العثور على من يثق به من أمراء المناذرة، مبلغًا دفعه إلى إطلاق وعيده بحكم الحيرة حكما مباشرا: "لأبعثن إلى الحيرة اثني عشر ألفًا من الأساورة، ولأملكن عليهم رجلا فارسيا، ولآمرنهم أن ينزلوا على العرب في دورهم، ويملكوا عليهم أموالهم ونساءهم"[3]، تصدى لحل المعضلة بأن أعمل الحيلة والمكر في مساعدة ربيبه النعمان بن المنذر، الذي ترعرع في كنف آل عدي فكانوا هم الذين أرضعوه وربوه، وحمل كسرى على إسناد العرش إليه تفضيلًا له عن إخوته الاثني عشر الآخرين[4].
غير أن العلاقات لم تلبث أن ساءت بين النعمان وعدي فأرسل إليه -وهو يومئذٍ عند كسرى- رسالة رقيقة استقدمه بها وألقى به في السجن، ثم قتله عندما أبلغته حاشيته أن رسولًا من كسرى يحمل رسالة منه يطلب فيها إطلاق سراحه، وحذرته من عدي بعد أن يصبح حرا طليقا. ولما فوجئ الرسول بموت عدي، بينما كان قد زاره في اليوم السابق في سجنه، وأيقن أن النعمان هو الذي أمر بقتله، عاد إلى مليكه وأبلغه الواقع، وكان من الطبيعي أن يغضب كسرى لما حدث.

[1] الأغاني: 2/ 518.
[2] هو عدي بن زيد بن حماد بن زيد بن أيوب بن محروف بن عامر بن عصية بن امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد من مضر.
[3] الأغاني: 2/ 524.
[4] الطبري: 2/ 193-195.
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست