responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 10
للتاريخ -في جملة ما له من أهداف- أن يقوم بدور توجيهي وتهذيبي فينبغي ألا يكون ذلك بطريقة مباشرة، بل هو يستطيع أن يحقق دوره في هذه الناحية بصورة أفضل كلما قل سعيه المباشر وراء هذه الغايات, أي أنه يقوم بدوره هذا بمجرد عرض الحوادث والوقائع التي تكون بحد ذاتها عبرة للمطالع والدارس.
وفي رأيي، أنه إذا جاز للمؤرخ أن يفسر الحوادث ويعللها، فإنه جائز له أيضًا أن يحاكم أعمال صناع التاريخ، أولئك الرجال من الأمة الذين يسهمون في صنع الأحداث وتوجيهها، وأن ينقد أعمالهم وتصرفاتهم، ويكوِّن الصورة الحقيقية لما قاموا به من منجزات، أو وقعوا فيه من أخطاء، فيعطي العناصر التي تساعد على الحكم لهم أو عليهم. فالمؤرخ يجمع إلى صفة العالم صفة القاضي المحقق الذي يفترض فيه أن يكون حريصًا على النزاهة. فكما يهتم القاضي بالتدقيق في الآثار التي يتركها المتهم، ويجمع الأدلة التي تدينه أو تبرئه، ويتمعن في شهادات الشهود لكي تأتي نتيجة تحقيقاته صحيحة، كذلك يفعل المؤرخ بالنسبة لمادته التاريخية وآثاره. وآثار المؤرخ هي الأوابد والمسكوكات والمنقوشات والمنشآت العمرانية وشتى الوثائق التي تركها أجدادنا القدامى. وشهوده هم الأخباريون والرواة الذين عاصروا الحوادث أو اشتركوا فيها، وربما يكونون قد تركوا مذكرات دونوا فيها هذه الحوادث، أو نقلوا أخبارها عن أقرب الناس إليها، ووصلت إلينا في مصنفات قديمة، فيقع عليه أن يجمع هذه الآثار ويستنطقها، ويسمع لهؤلاء الشهود ويقابل بين أقوالهم، ويمحصها، وأن يتحلى بأتم ما يكون الوعي والحس التاريخي السليم لإدراك الصحيح من المزور من آثاره، والصادق من الكاذب من أقوال شهوده؛ لكي تأتي نتائجه سليمة صحيحة.

مصادر تاريخ العرب القديم:
إن دراستنا التاريخية هذه تشمل عصور ما قبل الإسلام. ولا بد لنا قبل أن نبدأ هذه الدراسة من إعطاء لمحة عن الموارد التي يستطيع المؤرخ أن يستقي منها معلوماته التاريخية. ومن المفيد أن نبدأ بتعريف هذه الفترة التي اصطلح العرب المسلمون على تسميتها بـ"العصر الجاهلي":

اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست