اسم الکتاب : تاريخ الدولة العلية العثمانية المؤلف : محمد فريد بك الجزء : 1 صفحة : 590
ثمَّ اصغى لمشورة نبهاء وزرائه الميالين لمنح الدولة العثمانية نظاما دستوريا شورويا يحفظ لجَمِيع رعايا الدولة حُقُوقهم وَيكون بِمَثَابَة رابطة بَين جَمِيع الشعوب والملل المكونة مِنْهَا الممالك العثمانية فَيكون الْجَمِيع سَوَاء فِي الْحُقُوق والواجبات وَتبطل بذلك المنافسات والضغائن الجنسية العرقية والدينية لاشتراك الْجَمِيع فِي نظر شؤون الدولة وَوضع القوانين الملائمة لحالة الاهالي ودرجة ارتقائهم فِي سلم المدنية والعمران ويتنبه كل مِنْهُم إِلَى الدسائس الاجنبية وَلَفظ الخائنين من بَينهم لفظ النواة
ولهذه الدَّوَاعِي اصدر حفظه الله ارادة سنية بِمُوجب قَرَار سَائِر الوكلاء النظار فِي 5 شَوَّال سنة 1293 24 اكتوبر سنة 1876 بتنظيم مجْلِس عمومي برلمان يكون من مجلسين احدهما ينتخب الاهالي اعضاءه وَيُسمى مجْلِس المبعوثان وَالْآخر تعين اعضاؤه من طرف الدولة وَيُسمى مجْلِس الاعيان
وَقد ازْدَادَ تعلق جلالة السُّلْطَان الاعظم بتأييد النظامات الجديدة الشوروية ووثق الاهالي ببلوغ امانيهم وَلم شعث الامم الْمُخْتَلفَة وايجاد امة وَاحِدَة عثمانية تكون كَرجل وَاحِد امام الْعَدو وحاجزا حصينا ضد تدخل الدول بِحجَّة اصلاح احوال الشعوب المسيحية بِمَا ان كل شعب يسن لَهُ بِمَعْرِِفَة النواب عَن الْجَمِيع قوانين تلائم احواله المذهبية ويعيش الْكل فِي رَاحَة بَال ورغد عَيْش ثمَّ لما استعفى مُحَمَّد رشيد باشا من منصب الصدارة بِسَبَب تقدمه فِي السن ووهن قواه عَن مزاولة الاعمال فِي هَذِه الظروف المهمة وجهت الصدارة إِلَى احْمَد مدحت باشا اول الْقَائِلين بِهَذِهِ الاصلاحات فِي 4 ذِي الْحجَّة سنة 1293 21 دسمبر سنة 1876 وَبعد تَعْيِينه باربعة ايام صدر اليه فرمان سلطاني مرفق مَعَه القانون الاساسي للدولة مُشْتَمل على مائَة وتسع عشرَة مَادَّة يامره بنشر هَذَا القانون فِي جَمِيع أنحاء الدولة ومباشرة الْعَمَل بأحكامه من يَوْم نشره وأعلن القانون الاساسي بالاستانة وَقُرِئَ فِي مجمع حافل فِي يَوْم 23 دسمبر سنة 1876 واطلقت المدافع من جَمِيع القلاع والمراكب استبشارا وَهُوَ قانون قد جمع فاوعى اهم مَا بِهِ انه ضمن لجَمِيع رعايا الدولة الْحُرِّيَّة والمساواة امام القانون واباح حريَّة التَّعْلِيم مَعَ جعله اجباريا على جَمِيع
اسم الکتاب : تاريخ الدولة العلية العثمانية المؤلف : محمد فريد بك الجزء : 1 صفحة : 590