responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 452
دائرة نفوذ على الواسعة، ولا يمكنه المناورة طويلًا في موقفه، ولقد شعر بوطأة الخطر بعد تعيين قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري واليًا على هذا البلد، خلفًا لمحمد بن أبي حذيفة الذي قتل في الحملة التي نفذها معاوية ضده[1]، وهو أحد الأشخاص البارزين في إدارة علي، بل أكثرهم حماسة لقضيته، وقد عقد الخليفة آمالًا كبيرة على نجاحه في مهمته، فيما كان معاوية في المقابل، يقدر المتاعب التي سيسببها تعيين مثل هذا الرجل على مصر، فهو عدا صلابته ينتمي إلى فئة معادية للبيت الأموي، وخشي من هجوم قد يشنه علي من العراق، وآخر قد يشنه قيس من مصر[2]، فيقع بين فكي الكماشة، ويلحق به هزيمة محققة، بالإضافة إلى ذلك، فإن السيطرة على مصر من شأنها أن تمده بموارد اقتصادية وفيرة بفعل غني هذا البلد بالمقارنة مع غنى بلاد الشام، وتكسبه مركزًا عسكريًا ممتازًا بفعل موقع مصر الجغرافي، وتحصر الصراع بين العراق والشام، كما تعد خطوة أساسية في البناء السياسي للدولة الإسلامية، وقد دفعه ذلك إلى التصميم على السيطرة عليها، وتعاون من أجل ذلك، مع عمرو بن العاص الذي هدف إلى استعادة مجال نفوذه في مصر، وفقًا للتحالف الذي عقده الرجلان منذ بداية تعاونهما الذي أضحى وثيقًا جدًا.
والواقع أن قيسًا نجح إلى حد ما في مهمته، وحصل على بيعة أهل مصر لعلي وسيطر على الوضع، غير أن نواة قوية من العثمانية تجمعت في خربتا[3]، وقد رفض أفرادها البيعة لعلي، كان منهم مسلمة بن مخلد، وبسر بن أرطأة ومعاوية بن حديج، وقد ارتأى قيس محاورتهم دون أن يجد في موقفهم السلبي ما يشكل خطرًا على وضعه، ووقع اتفاق هدنة بين الطرفين من واقع عدم تعرض أي طرف للطرف الآخر[4]، إلا أن ذلك اصطدم برأي الخليفة الذي مال إلى حسم هذا التمرد بالقوة، ومن خلال هذه الثغرة نفذ معاوية ليفسد على قيس مهمته ويسيطر على مصر، فراح يتصل بالعثمانية واعدا إياهم بمساعدة عسكرية فورية، والمعروف أن معاوية لم يقم حتى ذلك الحين بأي تحرك جدي ضد علي، ولا لأجل قضية عثمان باستثناء رفض البيعة، والهجوم الذي نفذه على مصر ضد محمد بن أبي حذيفة، الذي ربما ارتدى طابعًا أسريًا[5]، ولم يفتح باب الصراع الفعلي مع علي إلا بعد تصفية جماعة الجمل

[1] الطبري: ج4 ص546. ج56 ص105، 106.
[2] المصدر نفسه: ج4 ص550.
[3] خربتا: قرية تقع غربي مصر، وهي قريبة من الإسكندرية، الحموي: ج2 ص355.
[4] الطبري: ج4 ص549، 550.
[5] جعيط: ص185.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 452
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست