responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 449
بالنار[1]، ودعا الله أن يجمعه بطلحة يوم القيامة في الجنة[2]، ثم اجتمع بعائشة في دار عبد الله بن خلف الخزاعي، حيث نقلت بعد انتهاء الوقعة، وجرى بينهما حوار هادئ هو أقرب إلى الاستعتاب، فذكرها بأنها قد نهيت عن المسير إلى هذا المصير، فطلبت منه أن يصفح عنها، وأثنت عليه بسبب موقفه المتسامح معها ومع أنصارها، وعدت خلافها معه على أنه قدر مقدر أساسه مجرد استعتاب هدفت منه العمل على إعادة وحدة المسلمين بعد مقتل عثمان، إلا أن هذا الخلاف تطور رغمًا عنها حتى وصل إلى المواجهة المسلحة، ونفت أن يكون الصراع المسلح في وقعة الجمل هو تصفية خلافات قديمة بينهما، وتمنت لو استطاعت تجنبه، واتهمت طلحة والزبير بإخراجها من بيتها، وأبدت ندمها على خروجها من منزلها[3]، ثم سيرها إلى المدينة يوم السبت لغرة رجب في جماعة من نساء أهل البصرة المعروفات لمؤانستها في الطريق، وجعل في صحبتها أخاها محمد بن أبي بكر، كما أرسل معها بنيه لحراستها حتى خرجت من البصرة مسيرة يوم، وزاد في تكريمها بأن خرج بنفسه مودعًا حتى خرجت من البصرة مسيرة يوم، وزاد في تكريمها بأن خرج بنفسه مودعًا، وشيعها عدة أميال، وقد أعلنت يوم انطلاقها أنه ليس بينها وبين علي فيما كان إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وأضافت: "إنه عندي على معتبتي لمن الأخيار"، فأجابها علي: "صدقت والله وبرت، وإنه ما كان بينهما إلا ذلك، وإنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة"[4]، واعتزلت السياسة بقية حياتها، وكرست نفسها للعبادة.
هل لنا أن نصدر حكمًا ونحدد المسئولية في وقعة الجمل، حيث التقى المسلمون بسيوفهم فيها ضد بعضهم البعض؟ فقد التزم رجال الدين بالصمت، وآثروا العافية، وابتعد أهل السنة عن إبداء رأي صريح لاعتقادهم بأن الصحابة جميعًا ناجون، وليس لهم الحق في أن يحكموا على أحد الفريقين بالمسئولية أو الخطأ، وألقى الشيعة المسئولية الكاملة على عائشة وطلحة، والزبير ولكنهم لم يفندوا الأسباب التي استندوا إليها في حكمهم، وغالى الخوراج في حكمهم، فكفروا طلحة والزبير وأتباعهما، والمعروف أنه ليس لمؤمن أن يكفر مؤمنًا، ولا يحكم عليه بالكفر، وخطأ المعتزلة أحد الفريقين لدرجة تصل به إلى الفسق، ولكنهم لم يحددوا الفريق الذي تقع عليه المسئولية[5].

[1] الطبري: ج4 ص510.
[2] ابن قتيبة: ج1 ص69.
[3] المصدر نفسه: ص68، 69. البلاذري: ج3 ص59، 60. الطبري: ج4 ص539، 540.
[4] الطبري: المصدر نفسه: ص544.
[5] الشهرستاني، أبو الفتح محمد عبد الكريم: الملل والنحل ج1 ص49-114.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 449
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست