اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 439
المواجهة المسلحة الأولى بين المسلمين:
سيطرة قوى التحالف على البصرة:
كان وضع المتحالفين في مكة مضطربًا، إذا لم يكن ملائمًا لحركة تحتاج إلى عناصر للصمود يمكن أن توفرها هذه المدينة؛ لأن الفتوح أفرغتها من العناصر البشرية التي استقرت في الأمصار، واحتاجوا إلى دعم أقوى لم يتوفر لهم في الحجاز، فقرروا البحث عن مكان أكثر ملاءمة، وأكثر بعدًا عن نفوذ الخليفة الذي لن يجد صعوبة في القضاء على حركتهم في هذا المكان[1]، وجرى نقاش حاد حول اختيار المكان الذي سيذهبون إليه، ويدل ذلك على أن المتحالفين لم يملكوا الرؤية السياسية الواضحة، وبدا عليهم الارتباك بشأن الخطوة التالية، مما أتاخ للناشطين من الأمويين توجيههم وفق مصالحهم.
لقد اقترحت عائشة المسير إلى المدينة لقتال الغوغاء، فعارض أنصارها ذلك لعدم مقدرتهم على مواجهتهم بفعل الفارق العددي بين الفريقين، "فإن من معنا لا يقرنون لتلك الغوغاء التي بها"[2]، واقترحوا عليها الذهاب إلى بلاد الشام بهدف طلب المساعدة من أهلها، فرفضت اقتراحهم قائلة: "فقد كفاكم أهل الشام ما عندهم، لعل الله عز وجل يدرك لعثمان، وللمسلمين بثأرهم"[3]. وتدخل عبد الله بن عامر الحضري، فقال: "قد كفاكم الشام من يستمر في حوزته"[4]، وهذه إشارة إلى نجاح معاوية في إدارة بلاد الشام، وأنهم لن ينالوا ما يريدون، وهو أولى منهم بما يحاولون؛ لأنه ابن عم عثمان، وهو غيور على سلطته بحيث لا يمكنه التساهل بأي تدخل، واقترح طلحة، والزبير الذهاب إلى الكوفة، "فنسد على هؤلاء القوم المذاهب"[5]، إذ لطلحة فيها شيعة، وتدخل عبد الله بن عامر الحضرمي مجددًا، وأقنعهما بالمسير إلى البصرة إذ للزبير فيها من يهواه ويميل إليه، وأنها تحتفظ بود معين تجاه عثمان على الرغم من مبايعة البصريين عليًا، وأنه يحتفظ فيها بعلاقات وصنائع[6]، والواضح أن الأمويين أرادوا إبعاد قوى التحالف عن بلاد الشام لتجنيبها معركة كانت آتية، وطلب طلحة، والزبير من عائشة أن تشخص معهما إلى البصرة لإقناع البصريين بالانضمام إلى حركتهما "اشخصي معنا إلى البصرة، فإنا نأتي بلدًا [1] الطبري: ج4 ص452. بيضون: ص60. [2] المصدر نفسه: ص450. [3] المصدر نفسه. [4] المصدر نفسه. [5] المصدر نفسه. [6] المصدر نفسه.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 439