responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 410
دوافع أهل الأمصار للثورة على عثمان:
اتسمت السنوات الأخيرة من خلافة عثمان بتنامي موجة الاستياء والاحتجاج، وقد أدت المآخذ التي ذكرت دورًا واضحًا في ذلك، فنشأت حالة من الأزمة الجدية تضاربت فيها لمصالح بين طرفين؛ تمثل الأول بالخليفة وعماله وإدارته، في حين تمثل الثاني بجمهور القبائل وبعض الصحابة، وأبناء الصحابة، وذلك بفعل تطور البنية الاجتماعية، والسياسية للمسلمين بعامة، بحيث لم تعد عملية الإثراء إساءة لاستعمال السلطة كما كان الحال عليه في عهد عمر بن الخطاب، فتحولت المناصب الإدارية إلى مكون أساسي لعملية تطور الهيكل الاجتماعي للمسلمين، وبالتالي إلى منزلة اجتماعة خاصة لها حقوقها، وأعرافها وسلوكياتها المتمايزة عن جمهور المسلمين، وتداخلت اتجاهات الإثراء، والتملك مع اتجاهات استقلالية آلية القرار السياسي عن جمهور القبائل في عملية كانت تقود بالضرورة إلى إنشاء شرعية اجتماعية مستقلة ضمن الأمة الإسلامية[1].
وعلى هذا الأساس بنى ابن خلدون نظريته الاجتماعية التي رأى من خلالها سبب الثورة على عثمان، وتتلخص في رغبة القبائل في تعديل، وتغيير ميزان القوى لصالحها، فنفذ إلى جوهر القضية الاجتماعية، داخل الأمة الإسلامية بعامة التي قادتها إلى النزاع السياسي الخطير أيام عثمان، كانت القبائل تنظر إلى أن فضل الفتوح يعود إليها، فإذا كانت قريش قد سادتها في البداية، فهي لم تعد مستعدة الآن، بعد كل هذا الجهاد، الذي جاهدته في سبيل الإسلام، أن تقبل بهذه السيادة، وأضحت ترى ضرورة التساوي معها، وأن محاولات عثمان الحد من تنامي نفوذ القبائل بتقوية قريش، جعلت القبائل غير مستعدة للتعامل معها على أنها الأدنى والأضعف[2]، "كان أكثر العرب الذين نزلوا الأمصار جفاة لم يستكثروا من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا هذبتهم سيرته وآدابه ... مع ما كان فيهم في الجاهلية من الجفاء، والعصبية والتفاخر والبعد عن سكينة الإيمان، وإذا بهم عند استفحال الدولة قد أصبحوا في ملكة المهاجرين والأنصار، من قريش وكنانة وثقيف وهذيل، وأهل الحجاز ويثرب السابقين الأولين إلى الإيمان، فاستنكفوا من ذلك وعضوا به، لما يرون لأنفسهم من التقدم بأنسابهم، وكثرتهم ومصادقة فارس والروم، مثل قبائل بكر بن وائل، وعبد القيس بن ربيعة، وقبائل كندة والأزد من اليمن، وقيس بن مضر، فصاروا إلى الغض

[1] إبراهيم: ص251.
[2] المرجع نفسه: ص259.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 410
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست