اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 321
سلسلة من المدائن والمنازل متصلة، وأكثره أرض خصبة ذات زرع، كانت الرحلة بمثابة نزهة للمسلمين، فلم يصادفوا مقاومة تذكر، فاستسلمت المدينة، ورضي أهلها بدفع الجزية، ومقدارها ثلاثة عشر ألف دينار سنويًا، وتضمن الصلح شرطين ملفتين:
الأول: أنه أبيح لسكان برقة أن يبيعوا من أحبوا من أبنائهم ليؤمنوا الجزية المفروضة عليهم، ويبدو أن عادة بيع الأبناء كانت شائعة في أوساط هذه القبيلة، فلم يحرمه المسلمون إلا على من أسلم.
الثاني: أنه كان على سكان برقة أن يحملوا الجزية إلى مصر، حتى لا يسمح بدخول الجباة إلى بلادهم[1]، وأرسل عمرو عقبة بن نافع حتى بلغ زويلة[2]، وأضحى ما بين برقة إلى زويلة خاضعًا للمسلمين[3].
فتح طرابلس الغرب:
وسار عمرو بن العاص من برقة إلى طرابلس، وكانت مرفأ حصينًا فيه حامية بيزنطية قوية، فأقفلت أبوابها، واستعد السكان للحصار الذي ضربه المسملون عليهم، وأملوا في تلقي إمدادات عن طريق البحر تساعدهم على الصمود، والمعروف أن الجبهة البحرية كانت مفتوحة وغير محصنة، وذلك بفعل اعتمادها على قوة البحرية البيزنطية، وانقضت عدة أسابيع دون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى إمكان وصول المساعدة، المنتظرة، وتعرض المدافعون عنها إلى الهلكة نتيجة الجهد في القتال وشدة الجوع، وعلم المسلمون آنذاك أن الجهة البحرية خالية من الدفاعات وغير محصنة، وأنهم يستطيعون النفاذ إليها من هناك، فدخلت جماعة منهم بين أسوار المدينة، والبحر وقاتلت الحامية المولجة بالدفاع عن هذه الجهة، وصاح أفرادها "الله أكبر"، فترددت أصداء التكبير في طرقات المدينة وأزقتها، ولمعت سيوف المسلمين بفعل انعكاس أشعة الشمس، فذعر المدافعون عن المدينة، ودبت الفوضى في صفوفهم، فحملوا ما استطاعوا من متاعهم، وأسرعوا إلى السفن، وأبحروا عليها هاربين، ولما رأى الحراس فرار الحامية تركوا مراكزهم، فدخل عمرو وجيشه إلى المدينة[4]. [1] ابن عبد الحكم: ص293-295، البلاذري: ص225-227. [2] زويلة: بلدان أحدهما زويلة السودان مقابل أجدابية في البر بين بلاد السودان وإفريقية، وزويلة مدينة غير مسورة في وسط الصحراء، وهي أول حدود بلاد السودان، الحموي: ج3 ص159، 160. [3] ابن عبد الحكم: ص295. [4] المصدر نفسه: ص296، البلاذري: ص227.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 321