responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 290
والواقع أنهم لم يشعروا بخيبة أمل بالغة في بادئ الأمر، إذ ليس ثمة ما يدعو إلى الشك في أن هرقل كان حريصًا على أن يستقطب المصريين، وكان واليه على مصر نيقتاس يرى لزامًا عليه أن يجزيهم على ما قدموه من خدمة للإمبراطورية. لكن سرعان ما خاب أملهم، فقد عاد الحكيم البيزنطي إلى سيرته الأولى من التعسف، مما أدى إلى التباعد بين الشعب وحكامه، كانت تغذيه باستمرار المحاباة القمعية، التي ارتبطت بآخر الحكام البيزنطيين قيرس[1]، الذي سعى إلى تنفيذ برنامج هرقل الهادف إلى تدعيم مركزية النظام بضرب المذاهب المتعارضة مع المذهب الرسمي للدولة.
وكانت مصر تمثل امتدادًا طبيعيًا لبلاد الشام من وجهة النظر الجغرافية والعسكرية والاقتصادية، وللبيزنطيين فيها جيش كبير قوامه ثلاثون ألفًا، فإذا ظلت تحت الحكم البيزنطي، فإن من شأن ذلك أن يحاصر البيزنطيون بلاد الشام من الجنوب، بالإضافة إلى سهولة إرسال حملة بيزنطية عن طريق البحر الأحمر لتهديد بلاد الحجاز، يضاف إلى ذلك إدراك كل من عمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص أهمية وضع المسلمين يدهم على مصر، والمزايا التي تعود عليهم بامتلاكها، وبخاصة فيما يتعلق بمواصلة نشر الدين الإسلامي على أساس توحيد القوى الحاكمة في كل من البلدين الشام، ومصر تحت زعامة حاكم مسلم، وإن من شأن ذلك أن يقطع على البيزنطيين جهودهم في مضايقة المسلمين، واستعادة بلاد الشام.
وكان من البديهي أن يتأثر المسلمون بعد فتحهم لبلاد الشام، بهذه الحقيقة للأسباب نفسها، فكانت مصر في الإطار العام ذات ارتباط عضوي، وهو ما ناقشه مؤتمر الجابية[2].
الوضع الاقتصادي:
عرف العرب مصر منذ حقب بعيدة، وذلك بفعل ما كان بينها، وبين الجزيرة العربية من صلات أبرزها الصلة التجارية، ذلك أن مصر كانت منذ أيام الفراعنة دولة بحرية تجوب أساطيلها التجارية البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، وهيمنت على

[1] سمي المؤرخون المسلمون قبرس باسم المقوقس، وسنستعمل هذا الاسم كما ورد في المصادر الإسلامية، وتجدر الإشارة إلى أن قبرس هو قورش، وكان أسقف فاسيس بالقوقاز، جاء إلى مصر بعد أن عينته الدولة البيزنطية بطريركًا عليها، وقد لقبه الأقباط الذين يكرهونه بالقوقازي، ومنه اسم المقوقس الذي تطلقه عليه المصادر العربية، انظر: تروبو، جيرار: المسيحية في العقود الإسلامية الأولى ص451-457، بحث في كتاب: المسيحية عبر تاريخها في المشرق.
[2] بيضون: ص68، 69.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 290
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست