responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 185
في مكان أكثر أمنًا، ويراقب تحركات الجيش الفارسي، فارتحل عائدًا إلى الحيرة. وعندما تناهي إلى أسماعه أن وجهته الحيرة، قرر أن يصطدم به خارجها، فخرج منها وتوجه إلى قس الناطف، فعبر الفرات واستعد لمواجهته، وصل بهمن جاذويه إلى قس الناطف، وعسكر على الضفة المقابلة، وفصل نهر الفرات بين الجيشين، وخير بهمن أبا عبيد إما أن يعبر إليه، أو يدعه يعبر إلى الجانب الإسلامي على الرغم من معارضة أركان حربه، فخسر بذلك مكانًا ملائمًا للعمليات العسكرية وفقًا لأساليب العرب القتالية؛ لأن فيه "مجال وملجأ، ومرجع من فرة إلى كرة"[1]، ونسي نصيحة عمر إذ بعثه، وتحذيره له من أرض المكر والخديعة، وتحكمت به عواطفه "لن يكونوا أجرأ على الموت منا"[2]، في الوقت الذي كان أحوج إلى التفكير العقلاني الهادئ، والتخطيط السليم بعيدًا عن انفعالات العواطف.
عبر المسلمون نهر الفرات فوق جسر أقيم لهذه الغاية، وقد ترك لهم بهمن مكانًا ضيقًا أجبرهم على النزول فيه خاليًا من مجال الكر والفر، مما أفقدهم حرية الحركة والانتشار، وميزة المناورة، ففرض بذلك عليهم المعركة، وأسلوب القتال، ارتكب أبو عبيد خطأ آخر حين قطع الجسر حتى يحول دون تفكير جنوده بالتراجع والانسحاب.
ودارت بين الطرفين رحى معركة ضارية أدت الفيلة فيها دورًا كبيرًا، بل إنها حددت نتائجها مبكرًا حيث كانت تجفل خيل المسلمين، وإذ حشر هؤلاء في مكان ضيق، فقد أمطرهم الفرس بالسهام، ومزقوا صفوفهم، حتى عضهم الألم، وكانت معركة غير متكافئة قتل خلالها أبو عبيد تحت أقدام الفيلة مع عدد من القادة المسلمين، عندئذ أدرك المثنى حرج الموقف، وأن المعركة خاسرة، فخطط للانسحاب آملًا أن يرتد المسلمون في نظام وهدوء، فعقد الجسر، لكن عبد الله بن مرثد الثقفي بادر إلى قطعه، ومنع الجنود من العبور حتى يموتوا على ما مات عليه أمراؤهم أو يظفروا، مبرهنًا عن قصر نظر في الحقل العسكري، إذ عندما تعرض المسلمون لضغط قتالي متزايد لم يكن أمامهم سوى طريق النهر للفرار، فتواثبوا إليه، فغرق من لم يصبر في حين أسرع القتل فيمن صبر، وأخيرًا تمكن المثنى الذي جرح في المعركة من إزاحة عبد الله، وأعاد وصل الجسر، وانسحب مع من بقي من

[1] الطبري: ج3 ص454.
[2] المصدر نفسه.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست