اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 177
بين الحق والباطل[1]، وهكذا أسلم عمر بن الخطاب في السنة السادسة من البعثة، وهو يومئذ ابن تسع وعشرين سنة وأشهر، وعدد المسلمين لا يزيد عن أربعين[2].
دخل عمر في دين الله بالحمية نفسها التي كان يحاربه من قبل بها، إذ ما لبث حين أسلم أن حرص على أن يذيع في قريش كلها إسلامه، وبإسلامه وبإسلام حمزة من قبل، شعر المسلمون بالمنعة، والقوة حتى قال عبد الله بن مسعود: "إن إسلام عمر كان فتحًا ... ولقد كنا لا نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلم أسلم قاتل قريشًا حتى صلى عند الكعبة، وصلينا معه"[3].
وعندما أذن النبي لأصحابه بالهجرة إلى المدينة كان عمر من أوائل المهاجرين. وقد حضر مع النبي غزوة بدر، وأحد والمعارك كلها، وشارك في كثير من السرايا وقاد بعضها، وتزوج النبي ابنته حفصة.
كانت لعمر مواقف حادة، وشديدة ضد أعداء الإسلام، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقه: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" [4]، نذكر منها: "اقتراحه قتل أسرى بدر حتى لا يعودوا لمناوأة المسلمين، على الرغم من إقرار جماعة المسلمين قبول الفداء، ونزل الوحي مؤيدًا رأي عمر في أمر الأسرى[5]، فزاد ذلك عمر قربًا من النبي، ومكانة عنده، ورفض عمر صلح الحديبية مع قريش لظنه أن في بعض بنوده مهانة للمسلمين، فراح يناقش النبي في ذلك[6].
ولعمر مواقف أخرى ملفته بطول المقام عن شرحها، منها: موقفه من عبد الله بن أبي، زعيم المنافقين ومن حكم الخمر، ومن نساء النبي[7]، وهي تكشف عن جانب من شخصيته التي كانت تزداد وضوحًا، وقوة على مر الزمن.
وبرز عمر في السياسة العامة، لذلك كان النبي يدعوه وزيره، وحين يشاور أصحابه يجعل لرأي عمر مكانة تعدل مكانة الرأي الذي يبديه أبو بكر، على أن صرامة عمر، وصراحته وشدته، ومخالفة النبي لرأيه في بعض ما أشار به لم تنقص يومًا من مكانة عمر، أو من احترامه، وذلك بأنه كان مخلصًا صادقًا في كل ما يراه، ويشير به. [1] البلاذري: ج10 ص297. [2] المصدر نفسه: 293. [3] ابن هشام: ج2 ص95. [4] البلاذري: ج10 ص297. [5] ابن كثير، الحافظ عماد الدين: تفسير القرآن العظيم ج2 ص325، السهيلي: ج3 ص83. [6] ابن هشام: ج4 ص28. [7] هيكل، محمد حسين: الفاروق عمر: ج1 ص65-68.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 177