اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 109
وبعد أن طرد الفرس من مناطق البحر الأسود وكبادوكيا، توغل هرقل في أرمينية في عام 623م، وتخلي الفرس عن مواقعهم في دروب آسيا الصغرى. وقد استدعى كسرى الثاني قواته من بلاد الشام في عام 624م لصد الزحف البيزنطي، لكنه مني بهزيمة قاسية، وحقق هرقل أول أهدافه، وهو تخليص أرمينية من قبضة عدوه[1].
رفض كسرى الثاني أن يعترف بالهزيمة، فوجه في عام 626م جيشين لمهاجمة القسطنطينية، واتفق مع الآفار في الغرب على أن يهاجموا المدينة في الوقت نفسه وذلك في شهر حزيران، وبعد حصار دام شهرًا باء الهجوم النهائي بالفشل.
وكان هرقل، خلال حصار عاصمته، قد أعد خطة عسكرية لاجتياح فارس انطلاقًا من شمالي القوقاز بمعاونية الأرمن، والجورجيين والخزر، فاستولى أولًا على تفليس ودوين في أرمينية، ودخل مدينة جانزاك عاصمة أردشير الأول، وأشعل النار في معبد زرادشت انتقامًا لما أنزله الفرس بكنيسة القيامة، وفر كسرى الثاني من المدينة، غير أن ما تعرضت له القسطنطينية من جانب الآقار في الغرب حمل هرقل على نقل قواته إلى الجبهة الغربية، وأتاح لكسرى الثاني أن يقوم من جانبه بمهاجمة القسطنطينية من الشرق، فانطلق جيش فارسي ضخم بقيادة شهربراز باتجاه العاصمة البيزنطية، فاجتاز آسيا الصغرى، واحتل خلقدونية، وأقسام معسكره على شاطئ البوسفور، غير أن فشل هجوم الآقار حمله على الانسحاب، وارتد إلى بلاد الشام.
أتاحت هذه الظروف الفرصة لهرقل ليستكمل خطته الهجومية التي كان قد أعدها، فشرع في خريف عام 627م بالزحف نحو الأراضي الفارسية، وظهر أمام نينوى[2]، وهناك نشبت المعركة الحاسمة التي قررت مصير النزاع بين فارس وبيزنطية، فأحرز هرقل نصرًا واضحًا، وحلت بالجيش الفارسي هزيمة ساحقة، ثم واصل زحفه باتجاه المدائن، فاستولى عليها في عام 628م، وكان كسرى الثاني قد هرب منها عند اقتراب الجيش البيزنطي.
وما حدث آنذاك من انقلاب في فارس، إذا جرى عزل كسرى الثاني، وقتله وتولية ابنه قباذ الثاني شيرويه العرش؛ جعل من
استمرار الحرب أمرًا لا داعي له، فعقدت الدولتان اتفاقية صلح استردت
بيزنطية بموجبها ما كان لها من أملاك في أرمينية، والجزيرة، وبلاد الشام وفلسطين. [1] Ostogorsky: p91. [2] نينوى: قرية يونس بن متى بالموصل، الحموي: ج5 ص339.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 109