اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 315
وفي سنة أربع وستين قصدت الفرنجة الديار المصرية في جيش عظيم، فملكوا بلبيس وحاصروا القاهرة، فأحرقها صاحبها خوفًا منهم ثم كاتب السلطان نور الدين يستنجد به فجاء أسد الدين بجيوشه فرحل الفرنج عن القاهرة لما سمعوا بوصوله، ودخل أسد الدين فولاه العاضد صاحب مصر الوزارة وخلع عليه، فلم يلبث أسد الدين أن مات بعد خمسة وستين يومًا، فولى العاضد مكانه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب، وقلده الأمور، ولقبه الملك الناصر فقام بالسلطنة أتم قيام.
ومن أخبار المستنجد: قال الذهبي: ما زلت الحمرة الكثيرة تعرض في السماء منذ مرض، وكان يرى ضوؤها على الحيطان.
وممن مات في أيامه من الأعلام: الديلمي صاحب مسند الفردوس، والعمراني صاحب البيان من الشافعية، وابن البزري شافعي أهل الجزيرة، والوزير ابن هبيرة، والشيخ عبد القادر الجبلي، والإمام أبو سعيد السمعاني، وأبو النجيب السهروردي، وأبو الحسن بن هذيل المقرئ، وآخرون.
المستضيء بأمر الله الحسن1
المستضيء بأمر الله: الحسن أبو محمد بن المستنجد بالله.
ولد سنة ست وثلاثين وخمسمائة، وأمه أم ولد
أرمنية اسمها غضة، بويع له بالخلافة يوم موت أبيه.
قال ابن الجوزي: فنادى برفع المكوس ورد المظالم، وأظهر من العدل والكرم ما لم نره في أعمارنا، وفرق مالًا عظيمًا على الهاشميين والعلويين والعلماء والمدارس والربط، وكان دائم البذل للمال، ليس له عنده وقع، ذا حلم وأناة ورأفة، ولما استخلف خلع على أرباب الدولة وغيرهم، فحكى خياط المخزن أنه فصل ألفًا وثلاثمائة قباء إبريسم، وخطب له على منابر بغداد، ونثرت الدنانير كما جرت العادة، وولى روح بن الحديثي القضاء، وأمر سبعة عشر مملوكًا وللحيص بيص فيه:
يا إمام الهدى علوت على الجو ... د بمال وفضة ونضار
فوهبت الأعمار والأمن والبلدان ... في ساعة مضت من نهار
فبماذا يثني عليك وقد جا ... وزت فضل الحور والأمطار
إنما أنت معجز مستقل ... خارق للعقول والأفكار
جمعت نفسك الشريفة بالبأ ... س وبالجود بين ماء ونار
قال ابن الجوزي: واحتجب المستضيء عن أكثر الناس، فلم يركب إلا مع الخدم، ولا يدخل عليه غيرهم.
وفي خلافته انقضت دولة بني عبيد، وخطب له بمصر، وضربت السكة باسمه، وجاء
1 تولى الخلافة 565هـ إلى 575هـ.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 315