responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 311
أعجب من أمرك؛ أنت تعلم أن المسترشد سار إليك بأمواله فجرى ما جرى، وأن الراشد ولى ففعل ما فعل، ورحل وأخذ ما تبقى، ولم يبق إلا الأثاث، فأخذته كله، وتصرفت في دار الضرب، وأخذت التركات والجوالي، فمن أي وجه نقيم لك هذا المال؟ وما بقي إلا أن نخرج من الدار، ونسلمها؛ فإني عاهدت الله ألا آخذ من المسلمين حبة ظلمًا، فترك السلطان الأخذ من الخليفة، وعاد إلى جباية الأملاك من الناس، وصادر التجار، فلقي الناس من ذلك شدة.
ثم في جمادى الأولى أعيدت بلاد الخليفة ومعاملاته والتركات إليه.
وفي هذه السنة رقب الهلال ليلة الثلاثين من شهر رمضان فلم يرَ فأصبح أهل بغداد صائمين لتمام العدة، فلما أمسوا رقبوا الهلال، فما رأوه أيضًا، وكانت السماء جلية صاحية، ومثل هذا لم يسمع بمثله في التواريخ.
وفي سنة ثلاث وثلاثين كانت ببحترة زلزلة عظيمة عشرة فراسخ في مثلها، فأهلكت خلائق، ثم خسف ببحترة، وصار مكان البلد ماء أسود، وفيها استولى الأمراء على غلات البلاد، وعجز السلطان مسعود، ولم يبق له إلا الاسم، وتضعضع أيضًا أمر السلطان سنجر، فسبحان مذل الجبابرة، وتمكن الخليفة المقتفي، وزادت حرمته، وعلت كلمته، وكان ذلك مبدأ صلاح الدولة العباسية، فلله الحمد.
وفي سنة إحدى وأربعين قدم السلطان مسعود بغداد، وعمل دار ضرب، فقبض الخليفة على الضراب الذي تسبب في إقامة دار الضرب، فقبض مسعود على صاحب الخليفة فغضب الخليفة، وغلق الجوامع والمساجد ثلاثة أيام، ثم أطلق الحاجب فأطلق الضراب، وسكن الأمر.
وفيها جلس ابن العبادي الواعظ، فحضر السلطان مسعود، وتعرض بذكر مكس البيع وما جرى على الناس، ثم قال: يا سلطان العالم، أنت تهب في ليلة لمطرب بقدر هذا الذي يؤخذ من المسلمين فأحسبني ذلك المطرب؛ وهبه لي، واجعله شكرًا لله بما أنعم عليك، فأجاب، ونودي في البلد بإسقاطه، وطيف بالألواح التي نقش عليها ترك المكوس، وبين يديه الدبادب والبوقات، وسمرت، ولم تزل إلى أن أمر الناصر لدين الله بقلع الألواح: وقال ما لنا حاجة بآثار الأعاجم.
وفي سنة ثلاث وأربعين حاصرت الفرنج دمشق، فوصل إليها نور الدين محمود بن زنكي وهو صاحب حلب يومئذ، وأخوه غازي صاحب الموصل، فنصر المسملون ولله الحمد، وهزم الفرنج، واستمر نور الدين في قتال الفرنج، وأخذ ما استولوا عليه من بلاد المسلمين.
وفي سنة أربع وأربعين مات صاحب مصر الحافظ لدين الله وأقيم ابنه الظافر إسماعيل، وفيها جاءت زلزلة عظيمة، وماجت بغداد نحو عشر مرات، وتقطع منها جبل بحلوان.
وفي سنة خمس وأربعين جاء باليمن مطر كله دم، وصارت الأرض مرشوشة بالدم، وبقي أثره في ثياب الناس.

اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 311
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست