مقدمة
مقدمة المحقق
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما شاء من شيء بعد.
نحمده سبحانه وتعالى ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك كله وإليه يرجع الأمر كله، بيده مقاليد السموات والأرض، يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء، ويرفع من يشاء ويخفض من يشاء، وإليه المصير.
وأشهد أن سيدنا وإمامنا وحبيبنا وقائدنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبيه، أول شافع وأول مشفع، وأول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة، صلى الله عليه وسلم وبارك ما تزينت الأرض بتوحيد رب العالمين.
أما بعد....
فإن نبينا المصطفى قد افتتح تاريخ أمتنا الإسلامية، وخط بكفه الشريف أول كلمة في سطور ديوانه وصحائفه الخالدة، بعد هجرته النبوية الشريفة مباشرة، حينما وضع بيده المباركة أول حجر قام عليه مسجده الطاهر الذي أسس سعليه دولته التي امتدت وتوسعت وانتشرت ورفعت راياتها فوق كل بقعة من بقاع أرض الله.
وبعد أن أدى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرسالة وبلغ الأمانة وصعدت روحه الشريفة الطاهرة إلى بارئها، توكل الله بحفظ دينه، وأوكل برفع قواعده رجالاً، حملوا أمر تلك الدولة التي وضع أسسها نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- وأكملوا بكل ما آتاهم الله من قوة كتابة صحائف تاريخ الإسلام، فبلغ أمر الله شرق الأرض وغربها، ثم تحمل رجال آخرون مسئولية تدوين ما حدث في تلك القرون الماضية من خلافة وملك وما طرأ عليها من استقرار واضطراب، وما شهدت من بداية عهد قوم وانتهاء عهد آخرين.
وممن قام بحمل هذه الأمانة الجليلة الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي الذي عنى بحفظ وتدوين تاريخ أمتنا الإسلامية في كتابه هذا الذي يبدأ بخلافة الصديق أبي بكر -رضي الله عنه- وينتهي بعصر تأليف هذا الكتاب الذي سماه: تاريخ الخلفاء، وهو من الكتب الجليلة النافعة في هذا الميدان.