responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 264
في ذلك كلام، ثم تكلموا في خلعه، فخرج إليهم المهتدي من الغد متلقدًا بسيفه، فقال: قد بلغني شأنكم، لست كمن تقدمني مثل المستعين والمعتز، والله ما خرجت إليكم إلا وأن متحنط، وقد أوصيت، وهذا سيفي، والله لأضربن ما استمسكت قائمته بيدي، أما دين، أما حياء، أما دعة؟ لم يكن الخلاف على الخلفاء والجرأة على الله؟ ثم قال: ما أعلم علم صالح، فرضوا وانفضوا، ونادى موسى بن بغا: من جاء بصالح فله عشرة آلاف دينار، فلم يظفر به أحد، واتفق أن بعض الغلمان دخل زقاقًا وقت الحر، فرأى بابًا مفتوحًا فدخل فمشى في دهليز مظلم، فرأى صالِحًا نائمًا فعرفه -وليس عنده أحد- فجاء إلى موسى فأخبره، فبعث جماعة فأخذوه وقطعت رأسه وطيف به، وتألم المهتدي لذلك في الباطن، ثم رحل موسى ومعه بكيال إلى السن في طلب مساور، فكتب المهتدي إلى بكيال أن يقتل موسى ومفلحًا أحد أمراء الأتراك أيضًا أو يمسكهما، ويكون هو الأمير على الأتراك كلهم، فأوقف بكيال موسى على كتابه، وقال: إني لست أفرح بهذا، وإنما هذا يعمل علينا كلنا، فأجمعوا على قتل المهتدي، وساروا إليه، فقاتل عن المهتدي المغاربة، والفراغنة، والأشروسنية، وقتل من الأتراك في يوم أربعة آلاف، ودام القتال إلى أن هزم جيش الخليفة، وأمسك هو فعصر على خصيتيه فمات، وذلك في رجب سنة ست وخمسين، فكانت خلافته سنة إلا خمسة عشر يومًا، وكان لما قامت الأتراك عليه ثار العوام، وكتبوا رقاعًا وألقوها في المساجد: يا معشر المسلمين! ادعو الله لخليفتكم العدل الرضا المضاهي لعمر بن عبد العزيز أن ينصره الله على عدوه.

المعتمد على الله أبو العباس1
المعتمد على الله أبو العباس -وقيل: أبو جعفر- أحمد بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد ولد سنة تسع وعشرين ومائتين وأمه رومية اسمها فتيان، ولما قتل المهتدي وكان المعتمد محبوسًا بالجوسق، فأخرجوه وبايعوه، ثم إنه استعمل أخاه الموفق طلحة على المشرق، وصير ابنه جعفرًا ولي عهد، وولاه مصر والمغرب، لقبه المفوض إلى الله، وانهمك المعتمد في اللهو واللذات، واشتغل عن الرعية، فكرهه الناس، وأحبوا أخاه طلحة.
وفي أيامه دخلت الزنج البصرة وأعمالها وأخربوها، وبذلوا السيف وأحرقوا وخربوا وسبوا، وجرى بينهم وبين عسكره عدة وقعات وأمير عسكره في أكثرها الموفق أخوه، وأعقب ذلك الوباء الذي لا يكاد يتخلف عن الملاحم بالعراق، فمات خلق لا يحصون، ثم أعقبه هزات وزلازل، فمات تحت الردم ألوف من الناس، واستمر القتال مع الزنج من حين تولى المعتمد سنة ست وخمسين إلى سنة سبعين، فقتل فيه رأس الزنج لعنه الله واسمه بهبوذ، وكان ادعى أنه أرسل إلى الخلق فرد الرسالة وأنه مطلع على المغيبات.
وذكر الصولي أنه قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف آدمي، وقتل في يوم واحد

1 تولى الخلافة من سنة 256هـ حتى سنة 279هـ.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست