اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 193
الديوان، وأدخل الأتراك في الديوان، واستولت الديلم، ثم الأتراك وصارت لهم دولة عظيمة، وانقسمت ممالك الأرض عدة أقسام، وصار بكل قطر قائم يأخذ الناس بالعسف، ويملكهم بالقهر.
قالوا: وكان السفاح سريعًا إلى سفك الدماء، فأتبعه في ذلك عماله في المشرق والمغرب، وكان مع ذلك جوادًا بالمال.
مات في أيامه من الأعلام: زيد بن أسلم، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم، وربيعة الرأي فقيه أهل المدينة، وعبد الملك بن عمير، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي وعبد الحميد الكاتب المشهور، قتل ببوصير مع مروان، ومنصور بن المعتمر، وهمام بن منبه.
المنصور أبو جعفر عبد الله1
المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وأمه سلامة البربرية أم ولد، ولد سنة خمس وتسعين، وأدرك جده ولم يرو عنه. وروى عن أبيه، وعن عطاء بن يسار، وعنه ولده المهديّ، وبويع بالخلافة بعهد من أخيه، وكان فحل بني العباس هيبة وشجاعة وحزمًا ورأيًا وجبروتًا، جماعًا للمال، تاركًا اللهو واللعب، كامل العقل، جيد المشاركة في العلم والأدب، فقيه النفس، قتل خلقًا كثيرًا حتى استقام ملكه، وهو الذي ضرب أبا حنيفة -رحمه الله- على القضاء، ثم سجنه، فمات بعد أيام، وقيل: إنه قتله بالسم لكونه أفتى بالخروج عليه، وكان فصيحًا بليغًا، مفوّهًا، خليقًا للإمارة، وكان غاية في الحرص والبخل، فلقب: أبا الدوانيق، لمحاسبته العمال والصناع على الدوانيق والحبات.
أخرج الخطيب عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "منا السفاح، ومنا المنصور، ومنا المهدي" [2]. قال الذهبي: منكر منقطع.
وأخرج الخطيب وابن عساكر وغيرهما من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: منا السفاح، ومنا المنصور، ومنا المهدي[3]. قال الذهبي: إسناده صالح.
وأخرج ابن عساكر من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل عن محمد بن جابر عن الأعمش عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنهم- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "منا القائم، ومنا المنصور، ومنا السفاح، ومنا المهدي، فأما القائم فتأتيه الخلافة ولم يهرق فيها محجمة دم[4]، وأما المنصور فلا تلد له راية، وأما السفاح فهو يسفح المال والدم، وأما المهدي فيملؤها عدلًا كما ملئت ظلمًا" [5].
وعن المنصور قال: رأيت كأني في الحرم، وكأن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في
1 تولى الخلافة 136هـ وحتى 158هـ. [2] أخرجه الخطيب في تاريخه "63/1". [3] أخرجه الخطيب وأبو نعيم في الدلائل وابن عساكر "38687/14 كنز". [4] محجمة من دم: المحجمة: القارورة، وقد "احتجم" من الدم. انظر: مختار الصحاح "124". [5] أخرجه الخطيب في تاريخه "399/9".
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 193